ليلة "التآمر" على عجول

يمكن أن نعتبر كتاب المجاهد محمد الصغير هلايلي "مذكرات" من باب الشاهد بمعايشته لوقائع الثورة في بؤرتها الأولى الأوراس، راح يكثر من إصدار الأحكام والتأويلات والإجتهادات التي كثيرا ما تكون في  غير محلها، أو بدون سند كاف.. وأكثر من ذلك كشف عن انحياز واضح لقريبه وابن عرشه عاجل عجول السرحاني، وعز تحامل كبير بسبب هذا الانحياز على قادة الثورة المركزيين و المحليين، من عبان وكريم وبن طبال، إلى عميروش وبن عودة ومزهودي.. وهلم جرا! طبعا أفادنا الكاتب ببعض الشهادات التي عاشها فعلا مثل: محاولة اغتيال عجول الذي كان إلى جانبه، باعتباره كاتبه الخاص، في نفس الكوخ ليلة 20 أكتوبر 1956 ناحية سيدي علي، تجني قائد الولاية بالنيابة الحاج لخضر عبيدي على الضابط عبد المجيد عبد الصمد قائد الناحية الثانية من المنطقة الثانية هذا التجني، الذي امتد إلى الكاتب أيضا باعتباره مسؤول قسم بنفس الناحية.. مثل هذه الشهادات الحية كان بودنا لو أكثر الكاتب منها، لأنها تثري المادة التاريخية حول الوقائع والأحداث وفي ذلك فوائد جمة لا تخفى على أحد.

لم يكن أجل عجُول وكاتبه في الموعد
عاد "عاجل عجُول" إلى غابة كيمل، بعد أن منع من مواصلة الطريق إلى منطقة النمامشة، وبعد أيام وصله استدعاء من عميروش لحضور اجتماع هام بولجة النشم ناحية سيدي علي تلبية للإستدعاء تحرك عجول باتجاه المكان المذكور، محاطا بنحو 26 من رجاله، مسلحين جيدا ومجهزين برشاش ثقيل.
وصلنا إلى مكان الإجتماع حوالي الثانية بعد الزوال، فانضم عجول إلى المجتمعين برئاسة عميروش، وقد استمر الإجتماع إلى غاية المغرب، بعد رفع الجلسة عاد عجول لينضم إلينا نحن الذين كنا في انتظاره سألنا عن بقية عناصر الفصيلة، فأكد له عثمان كعباشي، بأنه أنزلهم في كوخ على مسافة 800 م لتعذر وجود كوخ مناسب قريب.
رافقنا إلى هذا الكوخ، فوجدنا بقية الفصيلة تعد رغيفا (الكرون) فتناولنا العشاء معهم.. عدنا إثر ذلك مع عجول إلى مجموعة عميروش، حيث قرر النوم وسطها تطبيقا للخواطر، كنا ثلاثة معه: الشاهد ـ وهو كاتبه الشخصي ـ ورفقة الصادق بادسي وعبد الرحيم ثنية سأل عجول عن مكان الحاج لخضر عبيدي، فوجدناه بكوخ معزول ـ وإلى جانبه المكي حيجي ـ بصدد إعداد الشاي..
أخذنا مكاننا في ركن من الكوخ، وتدثرنا برداء واحد لشدة البرد والتعب، وبينما كان النوم يداعب جفوني، سمعت الحاج لخضر يخاطب عجول "لا تنم.. حتى ترتشف معي كوبا من الشاي" فأجابه "أرجوك لا توقضني إن نمت، فأنا متعب، فإن لم أنم سأشاركك الشاي".
غصنا في نوم عميق.. لنصحو فجأة على صوت رشاشات، تمطرنا من مسافة عدة أمتار انتصبت واقفا دون أن أشعر، فإذا الرصاص يتطاير من حوالي بكثافة، انبطحت بسرعة البرق، متلمسا زميلي الصادق وعبد الرحيم بنية إيقاظهما، فإذا بيدي تفرقان في دمائهما.. وأصابعي تتحسس أجزاء من لحمهما الممزق.
بحثت عن عجول في تلك اللحظة الحرجة، فلم أجده بجوارنا، التفت نحو الباب فلمحت رجلا واقفا في الركن المقابل.. كان ذلك الرجل هو عجول الجريح الذي تخلص لتوه من مهاجمه أحمد أزروال، وحل مكانه برهة قبل أن يتسلل خارج الكوخ، دون أن يتعرف عليه أحد..
لقد نجا بأعجوبة، وأنجاني الله أنا كذلك تمكن عجول من الإلتحاق بنوابه ناحية غاسديس، فبحث معهم محاولة اغتياله وتداعياتها.. فنصحوه بتوجيه رسالة إلى عميروش، تتضمن طلب لقاء جديد لاستئناف الحوار وتوضيح المواقف.. وقد حمل الرسالة المجاهد أحمد شرارة ظهر اليوم الموالي، وكانت تتضمن إلى جانب اللقاء المطالبة بإعادة أبنائنا لم يتلق عجول ردا من عميروش طبعا، وحتى مبعوثة شرارة انصرف عائدا بعد أن تأكد من دفن الصادق وعبد الرحيم، ناسيا تماما المطلب الثاني الذي كان يعني السجين محمد الصغير هلايلي.. "وكأنني لم أكن أحد أبنائهم، حسب قوله متأسفا لم تهتز ثقة عجول في قيادة الثورة الذي جاء الرائد عميروش إلى الأوراس مندوبا عنها فقط، بل ما لبث أن فقد الثقة في بعض أصدقائه كذلك، ويذكر الشاهد من بين هؤلاء "صديقه الوفي امحمد بونخل الذي بعث إليه برسالة عاجلة، يؤكد فيها بأن من سيقتله مدسوس وسط حراسه، وواجب المودة والصداقة يفرضان عليه تنبيهه لذلك".
أمام هاجس الإغتيال وتعفن جرح عجول، بادر والده بالإتصال بمركز جيش الإحتلال بزريبة الوادي، ليفشي إليه سر ابنه المتألم جسديا ومعنويا.. وهكذا كانت نهاية المجاهد عاجل عجول، أحد نواب القائد الكبير مصطفى بن بولعيد في قلعة الأوراس العتيد، تزامن ذلك للأسف مع الذكرى الثانية لاندلاع ثورة فاتح نوفمبر المباركة.

الشاهـــــد الأسيـــــــــر
تعاون أحمد بالحاج مساهل الذي كان داخل الكوخ، وعلي مشيش الذي كان عند بابه، على تجريد الشاهد من سلاحه واعتقاله. من مكان الإعتقال صعق وهو يرى علي مشيش يعض على أصابه وهو يصيح "لقد هرب الخائن! لقد نجا من الموت!" وبعد نحو 20 دقيقة من الحادث وهدوء العاصفة "جمعنا عميروش في ساحة أمام الكوخ الذي كان يقيم فيه، وبدأ خطابه قائلا "لقد ابتلى الله الأوراس بطامات تريد السيطرة عليه، ولا بد من القضاء عليها بكل الوسائل"... وختم بقوله "إن هذا الخائن الذي نجا من بين أيديكم في هذه الليلة يجب عليكم ملاحقته إلى أن تقضوا عليه، أو تدفعوه لأن يسلم نفسه إلى العدو"..
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
2 - نهاية مأساوية لبطل معركة الجرف عاجل عجول
عجول عاش فقيرا مهمشا تطارده نظرات الاحتقار
لا أحد يستطيع أن ينفي أن عاجل عجول إلى جانب عباس لغرور كانا بطلي معركة الجرف الشهيرة التي وقعت في 1955 والتي امتدت لأسبوع كامل، واستطاع جيش التحرير أن يهزم فيها فرنسا في أول مواجهة عسكرية كبيرة من هذا الحجم، ومن هذه المعركة سطع نجم عجول كأحد أبطال الأوراس وقادتها، بل أصبح قائدا للأوراس بعد أسر مصطفى بن بوالعيد وإعدام المجاهدين لنائبه شيهاني بشير بسبب قضية أخلاقية.
إلا أن تمرد النمامشة على سلطته في المنطقة السادسة وحصارهم لعباس لغرور وتمكن بن بوالعيد من الفرار من السجن والتحاقه بجيش التحرير بالأوراس، قلص من شعبية عجول في المنطقة، خاصة بعد أن اتهم بإعدام شيهاني بشير الذي قال عنه بن بوالعيد "تستقل الجزائر ولن نجد 5 رجال مثل شيهاني"، لكن عباس لغرور اعترف للمجاهد محمود ڤنز في نهاية 1956 عندما كان مسجونا في تونس بعد قضية النمامشة بأنه هو من أعدم شيهاني بشير وليس عجول، وبرر إعدامه لنائب بن بوالعيد لأنه "كان مريضا من مرض لا يداويه إلا الموت".
صرامة عجول في تعامله مع المجاهدين وتلفيق تهمة اغتياله لبن بوالعيد جعلته غير مرغوب فيه لدى معظم قيادات الأوراس، ويقول المجاهد بلقاسم شاطري أحد رجال عجول في هذا الشأن "بعد شيوع اتهام عجول بالتسبب في مقتل بن بوالعيد بدأ الجنود يهربون وينفصلون عن عجول حتى لم يبق معه سوى أبناء عصبيته من عرش السراحنة.." وأصبح لكل عرش قائده "فمحند أمزيان على رأس بني ملول، ومسعود عايسي على رأس بني بوسليمان...
وبعد إرسال هيئة التنسيق والتنفيذ التي انبثقت عن مؤتمر الصومام القائد عميروش لحل أزمة الأوراس قرر حسب المجاهد شاطري نقل كلا من مسعود عايسي وعجول من الأوراس لإنهاء الصراعات والتفرغ للاستعمار، لكن عجول رفض هذا الاقتراح، مما أدى بعميروش إلى عقد اجتماع ضم عددا من قيادات الأوراس من بينهم مسعود عايسي وعلي بن مشيش وصالح ڤوجيل وغيرهم وقرروا القبض على عجول حيا أو ميتا، وكلف أحمد أزروال وعلي بن مشيش للقيام بها رفقة أحمد الوهراني وأربعة من الجنود.
كان أحمد أزروال أول من دخل بيت عجول فألقى عليه قنبلة وأمطره بوابل من الرصاص فجرح عجول في رجليه وأفلت كاتبه محمد الصغير هلايلي حيث أمسك به أحمد الوهراني وتقدم أزروال من عجول بغية ربطه بالحبل وجاءه من الخلف وقال له يداك وراءك، فأخرج عجول مسدسا كان مخبأ في جيبه ووضعه على جبهة أزروال وضغط على الزناد فأرداه قتيلا، ثم انسحب هاربا وبقي الاشتباك بين المهاجمين وأفراد من جنود عجول.
ويضيف شاطري أن عجول بعد هروبه اتجه إلى مسقط رأسه أين يوجد والده وكان مجاهدا فأرسل إليه بنو عمومته رسالة قالوا فيها: إن بقيت هنا فسنقتلك، لذلك حمله والده على بغلته واتجه به مباشرة إلى مركز العدو أين سلما نفسيهما.
لكن المجاهد صالح ڤوجيل أحد قيادات الأفلان حاليا والذي حضر الواقعة التي جرح فيها عجول فروايته المدونة في الكتب تختلف عن رواية شاطري حيث ينفي أن يكون عميروش وقادة الأوراس كانوا ينوون قتل عجول بل كانوا يخشون أن يكرر نفس ما قام به عباس لغرور عندما حاول اغتيال قادة النمامشة بتونس في اجتماع تفاوضي، لذلك قرروا أن يطلبوا من عجول أن يذهب إلى لقاء أعضاء هيئة التنسيق والتنفيذ في العاصمة "واتفقت الجماعة على أن يذهب إليه كل من علي بن مشيش ومسعود بلعڤون والشيخ يوسف لعلاوي ومعهما جنديان من جنود عميروش" وانطلق كل من صالح ڤوجيل ومحمد بوعزة والصادق بوكريشة وأحمد أزروال مع الجماعة المذكورين، فلما وصلوا إلى بيت خربة كان يرابط فيها عجول مع اثنين من حرسه الشخصيين وترك جنوده مختبئين في مرتفع مقابل، وبمجرد أن رأى عجول علي بن مشيش اعتقد بأنه جاء من عند مسعود بن عيسى لقتله فأخرج مسدسا من جيبه وضربهم به، فردت الجماعة الأولى بإطلاق النار عليه فقتلوا حارسيه وأصيب عجول في بطنه ويده فهرب وانسحب، في حين قام جنوده المختبئون في المرتفع المقابل بصب وابل من الرصاص على جماعة صالح ڤوجيل وعلي بن مشيش فأصيب أحمد أزروال في رأسه إصابة قاتلة، وبأمر من عميروش قام أحمد الوهراني مع 20 جنديا بمطاردة عجول وجماعته ولكن بدون جدوى، وبعد أيام جاء جنود عجول وطلبوا العودة للنظام بعدما سلم عجول نفسه للعدو ورفضهم لخيانته ورغم محاولتهم اللحاق بعجول قبل تسليم نفسه فلم يتمكنوا من ذلك.
ورغم تسليمه لنفسه إلا أن العقيد الطاهر زبيري آخر قادة الأوراس التاريخيين أكد في مذكراته بأن عجول لم يؤذ الثورة رغم أنه كان يحمل في طائرات هيليكوبتر لتحديد مراكز المجاهدين، إلا أنهم كانوا يغيرون مواقعهم كلما اعتقل أحد أفرادهم خاصة إذا كان قائدا كبيرا مثل عجول.
ويجزم صديقه عباس لغرور في حديثه للمجاهد محمود ڤنز بمعتقله سنة 1956 "بأن عجول لن يبيع كنوز الثورة (للفرنسيين)"، ورغم مرارة أن يتحول قائد بحجم عجول أحد تلامذة الشيخ عبد الحميد بن باديس إلى مجرد "خائن" لدى الفرنسيين إلا أن العقيد الطاهر زبيري في مذكراته آخر قادة الأوراس التاريخيين يشير إلى أن عجول كان متمسكا ببراءته من دم شيهاني بشير ومصطفى بن بوالعيد وكان يقول للناس "خذوني إلى سي سي يو" يقصد هيئة التنسيق والتنفيذ أعلى هيئة قيادية في الثورة قبل تشكيل الحكومة المؤقتة في 1958.
وحاول العقيد الطاهر زبيري رفقة الرائد محمد صالح يحياوي إقناع عجول بالعودة إلى صفوف جيش التحرير أو على الأقل تليين قلبه على الثورة بعد كل ما حدث له، وكتبا له يذكرانه بالأيام التي أرسى فيها نظام الثورة في الأوراس مع بن بوالعيد وبقية القادة، إلا أن هذه الرسالة التي حملها يحياوي في محفظته لم تصل إلى عجول بعد أن وقع يحياوي ومن معه في كمين نصبه لهم العدو فأصيب يحياوي في رجله برصاصة ما زال أثرها إلى اليوم، وسقطت منه المحفظة التي فيها الرسالة واستولى عليها العدو وواجه بها عجول الذي أقنع الفرنسيين أن المجاهدين حاولوا معه من قبل للعودة إلى الجبل لكنه رفض.
وبعد الاستقلال رفض عجول الهروب إلى فرنسا مثلما فعل الكثير من الحركى، رغم أنه كان يعلم بأن مصيره السجن وهذا ما فعله الرئيس أحمد بن بله، فتهمة الوقوف وراء اغتيال بن بوالعيد كانت تلاحقه دون أن يكون هناك دليل جازم يثبت تورطه، وتدخل العقيد زبيري بصفته قائدا للأركان حينها من أجل إخراج قائده السابق من السجن وتشفع له عند بن بله وبومدين لإطلاق سراحه، خاصة وأن إثبات تورط عجول في عملية الراديو المفخخ تتطلب بحثا وتدقيقا عميقين، وبهذه الحجة أطلق سراح عجول من السجن لكنه عاش فقيرا مهمشا تطارده نظرات الاحتقار والازدراء بسبب تهمة يرى بأنه بريء منها، ولكن هناك من أشفق لحاله خاصة وأنه لا يمكن إنكار دوره في تنظيم وتفجير الثورة في الأوراس ودوره البطولي في ملحمة "الجرف"، فتم توظيفه كحارس مدرسة حتى يكون له مصدر كريم للعيش، وهو الذي كان يحرسه الرجال الأشاوس، لكن تسليم نفسه للفرنسيين -رغم أن خيارات قليلة كانت متاحة أمامه- أصاب تاريخه الثوري في مقتله، وتوفي عاجل عجول في صمت في بداية التسعينيات لكنه ترك شهادة نادرة سجلها معه بعض رفاقه في الأوراس يوم 3 سبتمبر 1985 بمقر منظمة المجاهدين بباتنة.
••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
عاجل عجول
صدر اخيرا كتاب يروى حياة البطل عاجل عجول هذا الذي نسيه رفقاء الدرب ربما لانه كان يزعج ابان حياته و حتى بعد مماته
في مقدمة الكتاب يقول المؤلف بان الكتابة عن عجول ليست سهلة و لسببين على الاقل
1-.حجم الرجل وطول هامته او لا يمكن حصره في صفحات فمهما كتب عن هذا الرجل لا يمكن الوفاء له بحقه
2-.ما لحق به من الاذى المعنوي سواء قبل الاستسلام او بعده وقد تجمع عليه خصومه ممن نافسوه السلطة مثل عمر بن بولعيد عايسي المسعود و الطاهر نويسي و من لف لفهم بعد ان عجزوا في ان يتساووا معه على الأقل في ساحة الوغى فنسجوا له مجموعة من التهم تشبه الأساطير في معظمها و قد تركزت تلك التهم في ما يلي
1.-اعدامه شيهاني البشير
2.-عدم تسليمه العيادة لمصطفى بن بولعيد لانه سن قانونا بنفسه لا يسمح له بتسليمها في الحين و قالوا ذلك طعنا في نزاهة مصطفى و ربطوا ذلك باعدام شيهاني البشير فأصبحت التهمة مركبة
3.-الضلوع في اغتيال مصطفى بن بولعيد و قالوا انه المستفيد الوحيد من غيابه و رفضوا الاستماع الى خلاف ذلك و تم الطعن حتى في اعترافات القادة الفرنسيين انفسهم و التي تناولت قتل بن بولعيد وفصلوا في كيفية التخطيط للعملية و الاهداف منها و الطريقة التي تمت بها العملية و الوسائل المستعملة و رفضوا شهادات الناجين من الحادثة و صموا اذانهم عن سماعها
4-.ما عرف عن حادثة عجول و استسلامه للقوات الفرنسية فكانت القشة التي تمسك بها أولئك المغرضون و من تاثر بهم و قيل عنه خائن حتى و لو لم يعدم شيهاني بشير او يقتل بن بولعيد بعد ان يئسوا من تلفيق التهم له و تبين رفضها
ان الرجل في تلك الحادثة لم يكن له إلا خيارين هما الموت او الاستسلام فرفض الاولى بعد ان كان طوال مشواره النضالي يطلبها و يعتبرها سر انتصاراته لانها في ذلك الوقت تعتبر سعادة
الكتاب تضمن شهاداة بعض من عايش عاجل عجول فكانت شهادادتهم حين حان الوقت لكتابتها

فمن يكون عاجل عجول
ميلاده و نشاته و تعلمه و زواجه
ولد عاجل عجول عام 1922 بكيمل من ابوين هما عبد الحفيظ و بيوش صحرة و في هذا الدور عاش و ترعرع وسط عائلة تتالف من الاب و الام و خمسة اخوة هم بلقاسم و إبراهيم و احمد و محمد و عمار أصغرهم و اخوات و كان عجول هو المدلل بينهم و المفضل و لذكائه فقط
عندما بلغ سن الدراسة لم ينتقل الى المدرسة كما يحدث في العادة بل المدرسة هي التي انتقلت إليه يقول نجله عيسى احضر له جدي و لاخوانه الاربعة الذين بلغوا سن الدراسة معلم القران يدعى الشيخ بن غلاف عيسى استقدمه من تاجرينت اينوغيسن اما المدرسة فهي بيت العائلة و قد اظهر عجول خلال تلك المدة التي قضاها دارسا للقران و مبادئ اللغة العربية و الشريعة الإسلامية تفوقا و نبوغا و تمكن من حفظ القران بكامله
أرسله والده بعد ذلك الى خنقة سيدي ناجي التي لا تبعد كثيرا عن كيمل و بها واصل دراسته و التعمق في العلوم اللغوية و الشريعة غير ان اقامته بالخنقة لم تطل فقرر والده و بطلب منه إرساله الى قسنطينة للدراسة بمعهد عبد الحميد بن باديس و به درس ما لا يقل عن سنتين انتهت بالنجاح و الانتقال الى الصفوف العليا و خلال اقامته بقسنطينة انخرط في الكشافة الاسلامية المدرسة الاهم في الوطنية و اعداد الرجال فكان عضوا نشطا فيها و استفاد منها كثيرا
و بعدة مدة من حوالي سنتين عاد الى مسقط راسه بكيمل و استدعي للخدمة الاجبارية فرفض الالتحاق بها كما فعل الكثير من أبناء الجزائر و ظل متخفيا ينتقل من مكان الى أخر و لا يعود الى بيته الا ليلا غير انه أداها في النهاية و بسور الغزلان
بعد الانتهاء من الخدمة الاجبارية عاد الى كيمل مسقط راسه و تزوج من حفصية مختاري التي انجب منها ولدا واحدا هو عيسى ابنه الاكبر ثم طلقها ليتزوج بعد فترة ببيوش اليامنة و انجب معها اربع بنات
وفي عام 1955 و هو مقيم في أريس تزوج بمستيري الكاملة و انجب معها عبد الحميد و بنتا بعد اندلاع الثورة و التحاقه رسميا بصفوفها تعرضت عائلته للأسر والاعتقال (اطفال و نساء) و سيق الجميع الى معتقل الولجة و قضت مع عائلات مجاهدين اخرين من تازدايين حوالي ستة اشهر ثم حولوا جميعا الى الدرمون حيث تم وضعهم تحت الإقامة الإجبارية لمدة ثلاثة أشهر أخرى ليحولوا فيما بعد إلى الوسطية رفقة عائلات أخرى لمجاهدي كيمل ووضع الجميع في محتشد أقامه العدو بالوسطية.
في منتصف عام 1955 و بعد استفزازات و تحرشات و اهانات تعرض لها نساء المجاهدين قررن من تلقاء انفسهن مغادرة المحتشد تحت جنح الظلام و في ليلة ممطرة و دون علم الازواج المجاهدين متجهات الى الاماكن الامنة بغابة كيمل.
أمام هذه الحالة  قررعاجل عجول بصفته مسؤولا و زوجا إعادتهن وسط الشعب نظرا لصعوبة التكفل بهن و ما يثيره وجودهن وسط الجيش وانشغال المجاهدين عنهن بمهام أساسية هي اهم من الانشغال بهن على حد قوله ، غير ان بعض المساعدين له و المقربين منه اشاروا عليه بالإحتفاظ بهن و ترجوه ان يتراجع عن قراره و الا يعيدهن من حيث اتين نظرا لما يترتب عن عودتهن من اضرار عليهن و على اطفالهن فاستجاب لهم و تقرر بقاؤهن و كان هو الحل المناسب.
و لم يمض وقت حتى التحق بهن الشعب الفار من الاستعمار و بذلك تشكل ما عرف بشعب خط النار او المسربين.
أما والده عبد الحفيظ فقد اعتقله الاستعمار رفقة اخيه بلقاسم تم اعتقالهما و نقلهما مباشرة الى السجن بالولجة و من هناك نقلوا الى عدة معتقلات في جهات مختلفة الوالد قضى حوالي سنة واحدة بقسنطينة ثو افرج عنه و التحق بالعائلة بغابة كيمل-خط النار-اما أخوه بلقاسم فبعد انتقاله بين عدة معتقلات صدر في حقه حكم السجن المؤبد و حول الى لامبيز بتازولت و به قضى سنوات الثورة و لم يفرج عنه الا بعد توقيف القتال رغم انه اعتقل بسبب اخيه عجول و لكونه مجاهدا أيضا.

تعليقات

  1. رحم الله الرجل كان وطنيا وشجاعا

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

المـلـــــف : مصالي الحاج ( المولد ، النشأة و الكفاح )

ملف الخونة : الباشاغا بوعلام.. من بطل فرنسي خلال الثورة إلى منبوذ بعد الاستقلال

تكريم الأستاذ دفوس عبد العزيز: لمسة وفاء لأهل العطاء.