هكذا فجرت أعظم ثورة في‮ ‬العصر الحديث

عودة إلى البدايات الأولى للثورة
هنا فجرت أعظم ثورة في‮ ‬العصر الحديث
مجاهدو أول نوفمبر كانوا‮ ‬يعتقدون أنهم سيشاركون في‮ ‬مناورة تدريبية‮ !!‬
article-title
إعداد‮: ‬طاهر حليسي
بدأت أولى تباشير موعد الثورة خلال الاجتماع بقرية لقرين بمنزل مسعود أومزيطي‮ ‬الواقع بين بلديتي‮ ‬أولاد فاضل والشمرة بباتنة،‮ ‬وهناك كشف بن بولعيد الذي‮ ‬جاء معه بمناشير جلبها من قسنطينة وطابعة‮ ‬‭"‬رونيو‮"‬،‮ ‬لرفاقه الحاضرين وهم عاجل عجول وشيحاني‮ ‬بشير وطاهر نويشي‮ ‬وحاجي‮ ‬ومحمد خنطرة عن موعد الثورة ليلة الواحد من نوفمبر‮ ‬1954،‮ ‬لقد قال لهم بنبرة حازمة ومباشرة‮: "‬الثورة المسلحة ستكون تحت لواء جيش التحرير الوطني،‮ ‬غايتها النهائية جزائر مستقلة جمهورية،‮ ‬لغتها العربية ودينها الإسلام وهي‮ ‬ليست حربا مقدسة‮. ‬ستستغرق سنوات وستعرض فرنسا الاستقلال الذاتي‮ ‬لكن العرض سيكون مرفوضا‮".‬

يا لولاد سنبدأ ثورة التحرير‮!‬
في‮ ‬ختام اللقاء أمر عاجل عجول بتحضير منزل واقع بتيغزة قرب أريس من أجل تجميع‮ ‬200‮ ‬مجاهد ليلتيّ‮ ‬30‭ ‬و31‮ ‬ أكتوبر ومن ذلك المنزل ستنطلق الطلائع الضاربة،‮ ‬وعددها‮ ‬25‮ ‬ مجموعة نحو مناطق عدة بالأوراس الكبير،‮ ‬فيما سيرابط طاهر نويشي‮ ‬بمجموعة من‮ ‬60‮ ‬ رجلا بخنقة معاش لتنفيذ عمليات مكملة‮.‬
قبل أيام من الموعد المحدّد طرأت مشكلة في‮ ‬غاية الخطورة كادت تعصف بانطلاق الثورة،‮ ‬فقد سارع طاهر نويشي‮ ‬لنقل خبر سيء لعاجل عجول حينما أعلمه بأن صاحب المنزل الواقع بتيغزة،‮ ‬رفض تخصيص منزله لتجميع الأفواج وأنه تراجع عن التزامه السابق لـ‮ "‬سي‮ ‬مصطفى‮"‬،‮ ‬فسادت حالة من الذعر والتوتر خاصة وأن بن بولعيد سافر في‮ ‬مهمة بجبال الأوراس ولا‮ ‬يمكنه العودة سوى ليلة‮ ‬30‮ ‬ أكتوبر،‮ ‬وأثار التراجع بلبلة وحيرة،‮ ‬ولم‮ ‬ينقذ الموقف سوى المناضل علي‮ ‬بن شايبة الذي‮ ‬تدبر أمره،‮ ‬وتطوع مخصصا منزله العائلي‮ ‬الشاغر بدشرة أولاد موسى،‮ ‬لاحتضان عمليات توزيع السلاح وتوجيه طلائع جيش التحرير‮.‬
بدأت أولى الأفواج تتقاطر ليلا على الدشرة،‮ ‬والتزم عناصرها بتعليمات أعطيت لهم بارتداء ألبسة‮ ‬غليظة وانتعال أحذية خشنة للمشاركة في‮ ‬مناورات تدريبية وضرورة اتباع مسالك محددة بعيدة عن دشرة أولاد موسى والانتظار حتى‮ ‬يقوم مكلفون بنقلهم لمكان الاجتماع،‮ ‬لم‮ ‬يكن المشاركون في‮ ‬تلك الهجومات‮ ‬يعلمون بأنهم سينفذون الهجومات سوى ليلة‮ ‬30‮ ‬ أكتوبر،‮ ‬وفي‮ ‬تلك الليلة وحينما أعلم بن بولعيد بتغيير المكان لحظات قبل وصوله صاح متوجسا‮ "‬أني‮ ‬أشم رائحة خيانة في‮ ‬الأفق‮" ‬غير أن عجول شرح له التغييرات الطارئة التي‮ ‬حدثت في‮ ‬غيابه‮. ‬وطبيعي‮ ‬أن‮ ‬يصدر أمر كهذا من بولعيد حيث‮ ‬يؤكد الدكتور محمد مداسي‮ ‬صاحب كتاب‮ "‬مغربلو الرمال‮ ‮: "‬بن بولعيد كان‮ ‬يحب فعل كل شيء بنفسه،‮ ‬ولم تكن له ثقة مطلقة في‮ ‬معاونيه‮" ‬وليس ذلك راجع لكونه شخصا أنانيا بل لأنه كان‮ ‬يجسد بحق القائد الذي‮ ‬يحب أن‮ ‬يعلم بكل كبيرة وصغيرة،‮ ‬و ـ روح الثورة ـ كما وصفه عاجل عجول حينما أوصى مجموعة من الحرس،‮ ‬بضرورة حمايته والعناية به‮ ‬غداة مرافقته لتونس من أجل جلب السلاح‮.‬
حينما أطمأن بن بولعيد بأن كل شيء على ما‮ ‬يرام دخل دشرة أولاد موسى تلك القلعة الحصينة المكونة من‮ ‬40‮ ‬ غرفة مبنية بالحجر،‮ ‬جمع المجاهدين الأوائل وخطب خطبته الشهيرة‮: "‬يا لولاد سنبدأ ثورة التحرير،‮ ‬معركتنا هي‮ ‬معركة الضعيف ضد القوي،‮ ‬تكمن قوتنا في‮ ‬إيماننا وفي‮ ‬الاتصال بين المجموعات حتى لو فصلت بينهم المسافات البعيدة‮. ‬الدم الذي‮ ‬سيزهق هو أيضا عامل وحدة‮ .. ‬علينا أن نجبر العدو على مهاجمتنا كي‮ ‬نوجه له ضربات دون تعريض حياتنا للخطر،‮ ‬إذا كان التراجع‮ ‬غير ممكن فعلينا أن نحسن الموت بشرف،‮ ‬العدو مخادع لا‮ ‬ينبغي‮ ‬الثقة به أبدا‮. ‬إذا وجدتم قلما أو حبة حلوة فاحذروا أن تكون قنبلة أو مادة ملغومة‮".‬
ثم راح‮ ‬يشرح كيفية التعامل مع الاستعمار وكيفية استخدام كلمات السر،‮ ‬أعاد ذلك عشرات المرات بلا كلل أو ملل وتلك عادته،‮ ‬يقول المجاهد الطبيب محمد مداسي‮ ‬‭"‬بن بولعيد كان‮ ‬يعي‮ ‬أن أغلب الرفاق‮ ‬غير متعلمين،‮ ‬لذلك كان‮ ‬يقدم الفكرة ويشرحها ويعيد شرحها مرارا وتكرارا حتى تعلق بالأذهان‮"‬،‮ ‬بعدها اختلى داخل‮ ‬غرفة بشيحاني‮ ‬بشير وقام بتعيين الأفواج المشاركة وانتهت الجلسة بعدما تم تحديد الأهداف وشرع في‮ ‬توزيع السلاح و300‮ ‬ رصاصة لكل مقاتل ثم تكفل المناضل عبد الوهاب عثماني‮ ‬بشرح كيفية استخدام قنابل ذات فتائل طرحت في‮ ‬صالة عريضة‮. ‬ثم نصبت الموائد وتناول الرفاق كسكسا حضرته شقيقة علي‮ ‬بن شايبة وحفيدته والعجوز خضرا وابنة عمه نونة،‮ ‬وكسي‮ ‬الطعام بقطع من لحم،‮ ‬خمس عنزات ذبحها صاحب المنزل،‮ ‬الذي‮ ‬نذر رزقه وعائلته للثورة‮.‬
article-title

عجول‮ ‬يعاتب بن بولعيد لنسيانه منح سلاح لصاحب المنزل‮ ‬
قبل انطلاق الأفواج ظهرت مشكلة عويصة حينما تقدم عاجل عجول وفاتح بن بولعيد في‮ ‬أمر‮ ‬يخص علي‮ ‬بن شايبة الذي‮ ‬وقف‮ ‬يراقب الرجلين،‮ ‬قال عجول لبن بولعيد‮: "‬سي‮ ‬مصطفى علي‮ ‬بن شايبة الرجل الذي‮ ‬فتح لنا بيته،‮ ‬وذبح لنا عنزه واشترى سلاحه من حر ماله لم تمنحه سلاحا ليشارك في‮ ‬الهجمات‮". ‬بن بولعيد الذي‮ ‬لم‮ ‬ينم سوى سويعات خلال عدة ليال رد بتوتر "‬وين رانا رايحين إذا كان كل واحد‮ ‬يريد أن ننفذ ما‮ ‬يريده‮. ‬أنا المسؤول أمنح السلاح الذي‮ ‬أريد للشخص الذي‮ ‬أريد‮"،‮ ‬فيراجعه عجول‮ "‬لكن سي‮ ‬مصطفى أنت تعرف أن بن شايبة باع ماعزا وحصانا واشترى ثلاث قطع سلاح ومسدسين من ماله الخاص فليس عدلا أن لا‮ ‬يمنح قطعة من سلاحه‮'' استدار بن بولعيد نحو بن شايبة وسأله‮: ‬لماذا تريد سلاحا ؟ فرد عليه بجواب مفعم ومفحم" ‬أريد أن أقاتل بها الاستعمار مثلي‮ ‬مثل بقية إخواني‮" ‬يمنحه بن بولعيد قطعة انتزعها من ظهر مقاتل من جماعة عجول،‮ ‬ثم إن بن بولعيد المتأثر بحساسية الموقف راح‮ ‬يناجي‮ ‬عجول‮ "‬تعلم أن عائلتي‮ ‬نبذتني‮ ‬وقالت عني‮ ‬مجنون‮ ‬يبذر أمواله من أجل الثورة واليوم‮"،‮ ‬فيقاطعه عجول وهو‮ ‬يربت على كتفه متأثرا بدوره‮: ‬أرجوك سي‮ ‬مصطفى انس هذه القصة الآن‮! ‬

تهديدات بقتل المترددين
ليلة انطلاق الثورة لم تكن خطا مستقيما بل كادت مشكلات طارئة أن تفسد انطلاقتها،‮ ‬لقد انتظر بن بولعيد بوسعد صاحب شاحنة كان‮ ‬ينوي‮ ‬تأجيرها لنقل‮ ‬35‭ ‬ مجاهدا مكلفا بمهاجمة ثكنة ومواقع وسط مدينة باتنة،‮ ‬مدعيا جلب حمولة قمح،‮ ‬غير أن بوسعد الكتوم والمتحفظ بطبعه أخلف الوعد،‮ ‬فهرع بن بولعيد لسائقه عزوز مدعيا له أنه‮ ‬يريد شاحنة لنقل جماعة إلى عرس،‮ ‬وطمأن سائقه بوجود شاحنة بن لحلوح بالحجاج فذهبا وجاءا بها،‮ ‬غير أن عزوز شعر بذعر وخوف وهو‮ ‬يشاهد‮ ‬35‮ ‬ رجلا مدججا بالسلاح‮ ‬يمتطون الشاحنة ولم‮ ‬يبطئ أن تقيأ فوق لباسه،‮ ‬ولئن أثار ما حدث لسائق بن بولعيد ضحك البعض‮. ‬فإن موقفا آخر سيثير‮ ‬غضب سي‮ ‬مصطفى وبشدة حينما تلكأ أحد الأشخاص عن مرافقتهم للمدينة بحجة مرض طارئ وهو الذي‮ ‬كان مكلفا بإرشادهم بمداخل ومخارج،‮ ‬ومخزن أسلحة ثكنة المدينة بحكم عمله السابق في‮ ‬الفرقة العسكرية‮ "‬الصبايحية‮". ‬لم‮ ‬يتمالك بن بولعيد نفسه من الغضب وأمسكه من تلابيبه وقذف به داخل الشاحنة وهو‮ ‬يقول لعلي‮ ‬بعزي‮ ‬قائد الفوج: "‬أحرسه وإذا تراجع اقتله‮" ‬‭!!‬
انطلق بن بولعيد مع مجموعة أخرى داخل سيارتين بينهما سيارته لكنه عاد لدشرة أولاد موسى عند الثالثة فجرا ووجد بانتظاره كل من شيحاني‮ ‬بشير ومرافقه الشخصي‮ ‬بيشة الجودي‮ ‬المكنى بوسنة،‮ ‬ومصطفى بوستة،‮ ‬وعاجل عجول ومدور عزوي،‮ ‬قصدوا قمة تافرنت أولاد عيشة،‮ ‬ومكثوا هناك حتى الخامسة متلهفين لسماع أخبار الثورة بواسطة مذياع صغير،‮ ‬لم‮ ‬ينتشر الخبر بالشكل المنتظر عدا ما نقلته إذاعة فرنسية باقتضاب عن وقوع أحداث بمنطقة الأوراس‮.‬
ما من شك كان بن بولعيد مغتبطا لانطلاقتها رغم كل شيء لكن عقليته الإتقانية لكل شيء،‮ ‬أظهرته في‮ ‬مظهر القائد الناقد‮. ‬فلم‮ ‬يكن راضيا البتة عن سير العمليات وتأخر رؤساء الأفواج في‮ ‬توفير المعلومات الكاملة عن سير العمليات الهجومية،‮ ‬سيؤجل المحاسبة والتقييم لوقت آخر حتى تنقشع الغمامات الأولى لشهر نوفمبر‮. ‬عقليته الاستشرافية كانت منشغلة لما بعد انطلاق الثورة،‮ ‬تلك الثورة التي‮ ‬انطلقت بمبلغ‮ ‬15‭ ‬ ألف سنتيم فقط قرر أن‮ ‬يقتطع منها‮ ‬5‭.‬000‮ ‬ سنتيم سلمها لشراء المؤن والأغذية استعدادا لقادم الأيام‮. ‬

بن بولعيد‮ ‬يصفع حارسه ويبعد شقيقه عن مسؤوليات الثورة
في‮ ‬الأسبوعين الأولين عقد بن بولعيد عدة جلسات تقييم مع قادة الأفواج لم‮ ‬يكن راضيا عن تخلف أحمد نواورة عن مهاجمة أريس،‮ ‬كما لم‮ ‬يكن مسرورا البتة بنتائج الهجومات،‮ ‬صحيح أنها كانت إعلانا للثورة،‮ ‬لكنها لم تحقق ما كان‮ ‬يترجاه من أهداف ميدانية كغنم السلاح وإلحاق خسائر فادحة بالعدو،‮ ‬بل إنه كان‮ ‬ينظر بعين القلق للخلافات الناشبة بين عاجل عجول وبن عيسي‮ ‬وتلك الناشئة بين عباس لغرور وعمار معاشي،‮ ‬لكنه كان‮ ‬يتمتع بعقلية براغماتية‮ ‬يوجزها الدكتور محمد مداسي‮ قائلا‮ "‬من الواضح أنه لولا بن بولعيد لما كان ثمة ثورة بالأوراس،‮ ‬لقد كان مناضلا محنكا،‮ ‬عارفا بخبايا المنطقة،‮ ‬وقادرا على أن‮ ‬يشغل معا إخوة ولدوا أعداء بالفطرة،‮ ‬معروف أن قراراته لم تكن كلها ذات نهايات سعيدة فقد كانت له عثرات‮ ‬غير أنه كان‮ ‬ينهض منها بسرعة‮" ‬يعلم بن بولعيد العيوب القبلية التي‮ ‬قد تحوّل مجرد خلاف شخصي‮ ‬لنزاع قبلي‮ ‬متأصل،‮ ‬لذا فإنه سيسارع منذ الوهلة الأولى لرسم خريطة جغرافية لعمل الأفواج،‮ ‬حتى لا تصطدم فيما بينها لأسباب عروشية وهو استعد لذلك فاشترى من قبل خريطة للأوراس من مكتبة بباتنة‮. ‬وكلف عاجل عجول الخبير بالمنطقة بشرا وحجرا وجبالا ومنابع مياه،‮ ‬كان‮ ‬يردد أن نجاح أي‮ ‬عمل سيبنى على النظام والانتماء لمجموعة منظمة ثم للسلوك الواجب اتخاذه للحفاظ على صورة البناء بمثالية وتجرد،‮ ‬فقد اشتكى له بعض القادة من رفض بعض المحسوبين عليه عن أداء واجبات جمع الماء والحراسة فيهون من الأمر ثم‮ ‬يجيب‮ "‬حسنا،‮ ‬سأتكفل أنا بفعل ذلك بدلا عنهم‮". ‬
سيوصي‮ ‬بلا هوادة بإبقاء شقيقه‮ "‬عمر بن بولعيد‮" ‬بعيدا عن مجلس إدارة الثورة أو تولي‮ ‬مسؤوليات،‮ ‬بها وبأن‮ ‬يمارس مهامه كجندي‮ ‬مثله مثل بقية الجند‮. ‬وكان‮ ‬يقول "‬جيش التحرير أشبه بمنزل،‮ ‬إذا تداعى أحد جداره هوت البناية كاملة،‮ ‬أمن الجميع مرتبط بيقظة كل فرد‮". ‬‭ ‬ولم‮ ‬يتردد في‮ ‬أن‮ ‬يهوي‮ ‬بصفعة على مرافقه وحارسه الشخصي‮ ‬بيشة الجودي‮ ‬أسقطته أرضا بسبب محاولته إطلاق النار،‮ ‬على مروحية خشية تعريض مجموعة لقصف عنيف جراء سوء تقدير قوة الخصم‮. ‬ثم إنه‮ ‬يردعه‮ "‬يا فوضوي‮ ‬ستهلكنا جميعا بتصرفاتك الرعناء‮. ‬أقسم بالله اني‮ ‬سأقتلك ذات‮ ‬يوم‮". ‬قبل أن‮ ‬يساعده على النهوض مادا له‮ ‬يده وماسحا الثلج من على كتفه مثلما‮ ‬يفعل الأب مع ابنه‮ !!‬

ابن بولعيد‮ ‬يوبخ لغرور‮: ‬لا‮ ‬يحق لك أخذ كيس دقيق من الشعب
لن‮ ‬يتورع في‮ ‬تأنيب وتوبيخ القائد عباس لغرور بسبب أخذه بالقوة كيس دقيق وبغل،‮ ‬من مواطنين مدنيين بعد انتهاء معركة رأس طبابوش،‮ "‬اسمع‮ ‬يا عباس‮ ‬غير مسموح لك أن تأخذ ملك الناس بالقوة،‮ ‬في‮ ‬هذه الحالة ليس هناك فرق بين الاستعمار وبيننا‮. ‬نقبل فقط ما‮ ‬يمنحه الناس لنا عن طيب خاطر أو بشرائه منهم‮". ‬وحينما‮ ‬يرد عباس لغرور‮: "‬حسنا‮.. ‬نشتريه ولكن أين المال؟‮".
- يعقب عليه مبتسما‮:‬
‭"‬إذا شرّفك فقير ومد برنوسه لتجلس عند حافته فاحذر أن تجلس في‮ ‬وسطه‭ ‬أكرر لك‮ ‬يا سي‮ ‬عباس إن المواطنين ليسوا مجبرين على إطعامنا‮. ‬ما أخذته اليوم‮ ‬يمكن أن‮ ‬يشكل الكل أو الجزء،‮ ‬مما جمعه الفقراء بعنت وصعوبة‮".‬
في‮ ‬الواقع ظل بن بولعيد منذ اجتماع دشرة أولاد موسى‮ ‬يرسم تعاليم الثورة ويؤمن المستقبل كي‮ ‬يأخذ الجذر المزروع شكل شجرة تصير‮ ‬غابة،‮ ‬وطيلة أسبوعين مكث بغابات الأوراس‮ ‬يعالج العثرات ويصحح النظر لكنه قفز فرحا عندما سمع في‮ ‬إذاعات فرنسية تقول‮ "‬بلغ‮ ‬عدد الثوار‮ ‬3000‮ ‬ مقاتل بمنطقة الأوراس‮" ‬لقد.أيقن أخيرا أن‮ ‬غرس الثورة سيؤتي‮ ‬أكله لا محالة وأن قطار الاستقلال لن‮ ‬يوقفه أحد‮". ‬

تنبيه‮: ‬الحوارات بين بولعيد ورفاقه،‮ ‬منقولة من كتاب‮ "‬مغربلو الرمال‮" ‬لمؤلفه محمد العربي‮ ‬مداسي‮.............................. نقلا عن جريدة : الشروق اليومي.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

المـلـــــف : مصالي الحاج ( المولد ، النشأة و الكفاح )

ملف الخونة : الباشاغا بوعلام.. من بطل فرنسي خلال الثورة إلى منبوذ بعد الاستقلال

تكريم الأستاذ دفوس عبد العزيز: لمسة وفاء لأهل العطاء.