آه... لو عاد الشهداء.

يتساءل المرء و هو يتنقل أول أمس بين شوارع العاصمة، فيشاهد حواجز الشرطة التي وضعت في كل مكان تحضيرا لزيارة رئيس دولة وضعتنا تحت حذائها لمدة فاقت 130 سنة، فيتبادر إلى ذهن المرء التساؤل التالي: هل كان شهداء الجزائر مثل بن مهيدي وبن بولعيد وصولا إلى كريم بلقاسم وبوضياف وكل شهداء الجزائر سيحظون  بنفس الاستقبال الذي حظي به فرانسوا هولاند، وسيتم حشد آلاف رجال الأمن والمواطنين بالحافلات لاستقبالهم، أم أن مرورهم سيكون في صمت تام دون أن ينتبه لتواجدهم أحد ''لحاجة في نفس يعقوب''؟ وأنا متأكد أن مليون ونصف مليون شهيد لو شاهدوا ما حدث مع هولاند لصاحوا بأعلى أصواتهم: ''لم نمت من أجل هذا ولم نضح بأنفسنا لنخرج فرنسا من الباب ثم تعود من أوسع النوافذ''.

إن ما حدث طيلة يومين سيبقى وصمة عار في جبين بلد المليون ونصف المليون شهيد التي استقبلت رئيس الدولة التي تسببت في مقتل هؤلاء وآلاف الجزائريين وكأنه الرئيس الفعلي للجزائر والمهدي المنتظر الذي نرجو أن يجلب معه الاعتذار وكل الحلول، في حين لم يوقع سوى على اتفاقيات اقتصادية ستمنح الفرنسيين أموالا طائلة  تنقذهم من ورطتهم الاقتصادية هذا هو بيت القصيد لنعود بعد سنوات ونقول إننا لم نستفد شيئا من كل هذا.
لماذا كل هذا الرضوخ لفرنسا؟ فرغم أن العديد من الرؤساء زاروا الجزائر، آخرهم الرئيس التونسي، منصف المرزوقي، إلا أنه لا أحد حظي بنفس الاستقبال الذي حظي به هولاند، ما عدا جاك شيراك، آه نسيت، إنه الرئيس الفرنسي الأسبق، فمن جهة نحن نطالب بالاعتذار من فرنسا، ومن جهة أخرى نستقبل رؤساءها استقبال الأبطال وكأننا نستقبل أحد محرري الجزائر.
و الأكيد بعد كل هذه التساؤلات أنه لو يعود كل الشهداء لتساءلوا عن البلد الذي حرروه، هل فعلا تمكنوا من طرد فرنسا أم أنهم فتحوا لها أبواب السيطرة على الجزائر دون أن تخسر أبناءها مثلما حدث خلال 132 سنة؟ وهل سيتذكر بن مهيدي مقولته الشهيرة: ألقوا بالثورة إلى الشارع سيحتضنها الشعب''، التي تحولت بقدرة قادر، بعد 50 سنة من الاستقلال، إلى ''هاتوا هولاند إلى الجزائر سيحتضنه الشعب و يقبل يديه''. آه... ثم آه... على زمن ( الرخس و التبهديل) الذي يعيشه الشعب الجزائري.
 عن جريدة الخبر بتصرف

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

المـلـــــف : مصالي الحاج ( المولد ، النشأة و الكفاح )

ملف الخونة : الباشاغا بوعلام.. من بطل فرنسي خلال الثورة إلى منبوذ بعد الاستقلال

تكريم الأستاذ دفوس عبد العزيز: لمسة وفاء لأهل العطاء.