حسين آيت أحمد يرحل بعد 70 سنة من النضال

"دورة الحياة" تصل إلى النهاية

 يعتبر الراحل حسين آيت أحمد رمزا من رموز النضال السياسي والثوري من أجل الاستقلال في الجزائر، ومن أجل بناء دولة ديمقراطية، وأبرز معارضي النظام منذ الاستقلال.
ولد الدا لحسين عام 1926 بعين الحمام بولاية تيزي وزو، بالقبائل الكبرى، ودرس بمسقط رأسه ثم انتقل إلى بن عكنون بالعاصمة، حيث درس بثانويتها، وانخرط في فترة مراهقته في النضال الثوري، وتولى مسؤوليات في المنظمة الخاصة التي أسستها حركة الانتصار للحريات الديمقراطية، منها قيادتها بعد وفاة قائدها محمد بلوزداد، قبل أن تتم التضحية به في إطار الصراعات بين أجنحة الحركة الاستقلالية.

وبعد تفكيك المنظمة السرية سنة 1951، نقل إلى مصر عضوا ممثلا للوفد الخارجي لحركة الانتصار رفقة محمد خيضر، كما شارك في مؤتمر باندونغ عام 1955، ثم تنقل إلى نيويورك للدفاع عن القضية الجزائرية أمام هيئة الأمم المتحدة، وأسس هناك، في أفريل 1956، مكتبا لبعثة جبهة التحرير الوطني. بعد مؤتمر الصومام المنعقد في شهر أوت 1956، عين عضوا في المجلس الوطني للثورة الجزائرية. وخلال رحلة من الرباط إلى تونس، تعرض للاختطاف رفقة بن بلة وخيضر وبوضياف، والكاتب مصطفى الأشرف، حيث تم تحويل الطائرة التي كانوا على متنها يوم 22 أكتوبر 1956. وبقي في السجن إلى غاية وقف إطلاق النار في عام 1962.

وبعد الاستقلال، رفض حسين آيت أحمد هيمنة مجموعة وجدة على السلطة، بدعم من جيش الحدود، وقام رفقة مجموعة من القيادات الثورية بإنشاء جبهة القوى الاشتراكية في 29 سبتمبر 1963، وقاد تمردا عسكريا، لكن الجيش النظامي تمكن من كسره، بعد تخلي حليفه محند أولحاج الذي فضل دعم الجيش النظامي في حرب الرمال ضد المغرب في السنة ذاتها. وفي 1964 جرى اعتقاله، وحكم عليه بالإعدام، غير أن الحكم لم ينفذ، وفي 1 ماي 1966 فر من السجن، ليعيش في منفاه الاختياري بسويسرا، ولم يعد إلا مع الانفتاح الذي أعقب أحداث أكتوبر 1988 م.

حاول لسنوات إعادة تنظيم المعارضة، غير أن الجهود لم تكلل إلا في سنة 1985 م بتوقيع اتفاق مع أحمد بن بلة على نداء موجه إلى الشعب الجزائري من أجل إرساء الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، وفجر الاتفاق انقسامات في الأفافاس، بخروج ما عرف بمجموعة سعيد سعدي.

عاد الدا الحسين إلى الجزائر في ديسمبر 1989، وشارك في مسار التعددية، واحتل حزبه المرتبة الثانية وراء جبهة الإنقاذ، وقاد حينها حملة “لا لدولة أصولية ولا لدولة بوليسية”. غير أنه لم يتقبل إيقاف المسار الانتخابي، ولم يتردد بعد اغتيال رفيقه محمد بوضياف في 29 جوان 1992، في ترك الجزائر مجددا.

وعمل خلال فترة التسعينات مع قيادات معارضة، منهم أحمد بن بلة وعبد الحميد مهري ولويزة حنون وعبد القادر حشاني، على إيجاد سبل لإنهاء الأزمة السياسية في الجزائر، وساهم في الإطار في وضع اتفاق سانت إيجيديو عام 1995 الذي رفضته السلطة، وفي 1999 تقدم كمرشح في الانتخابات الرئاسية، لكنه تخلى عن السباق عشية الانتخابات رفقة 5 مرشحين آخرين، وعاد إلى منفاه، مكتفيا بزيارات للجزائر في المناسبات الحزبية وعبر رسائل وتسجيلات فيديو. 

ولم يتردد سنة 2001 في الحضور كشاهد دعم للضابط الهارب من الجيش حبيب سوايدية أمام محكمة باريسية، ضد وزير الدفاع السابق خالد نزار. وفي ديسمبر 2012 أعلن استقالته من حزبه، بعد 70 سنة من النضال السياسي والثوري، وخاطب مناضلي الحزب في حينه: “دورة الحياة تفرض نفسها على الجميع، وأقول لكم إن الوقت حان لتسليم المشعل، ولن أرشح نفسي لرئاسة الحزب في المؤتمر المقبل للحزب”. وتدهورت صحته في الأشهر الأخيرة من العام الجاري، وأعلنت قيادة الحزب، في جانفي 2015، أنه تعرض لعدة جلطات دماغية مترتبة عن أزمة قلبية سنة 1999 ما أفقده القدرة على الكلام.










تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

المـلـــــف : مصالي الحاج ( المولد ، النشأة و الكفاح )

ملف الخونة : الباشاغا بوعلام.. من بطل فرنسي خلال الثورة إلى منبوذ بعد الاستقلال

تكريم الأستاذ دفوس عبد العزيز: لمسة وفاء لأهل العطاء.