مؤهلات أويحي الحربائية

يملك الوزير الأول، أحمد أويحيى، مؤهلات مذهلة لتغيير ألوان الأشياء، وفي كل مرة يخرج مبررات لسلوكات وأوضاع من المستحيل أن يكون هو ذاته مقتنعا بها.
ففي الندوة الصحفية التي أعقبت اجتماع الثلاثية الأخيرة، اعتبر الوزير الأول أن غياب النقابات المستقلة عن هذه ''المفاوضات'' لا يعني أنها غير معترف بها أو أنها مهمشة. ووعد بالمناسبة بأنه سيجد مستقبلا الطريقة التي تمكنه من لقائها.
ويعرف الجزائريون، ومنهم النقابات والتنظيمات المستقلة، أنه لا توجد طريقة أخرى للقاء أويحيى وجماعته غير ''مساندة برنامج فخامة الرئيس'' والالتزام بتطبيقه. فهل يعني عزم أويحيى لقاء النقابات المستقلة أنه يحضّر برنامجا ''لإقناعها بالدخول في الصف''؟ أم أنه سيتحلى بالشجاعة ويعترف أخيرا أنه يوجد في الجزائر من يؤهله القانون للحديث باسم العمال غير سيدي سعيد. وهذا أمر مستبعد كثيرا، نظرا لتشابك ''مصالح'' الحكومة مع مصالح هذه النقابة، التي تواجه هي ذاتها غضب المنتسبين إليها، خاصة في الصحراء، حيث الثروة والاستغلال الوطني والأجنبي للعمال.
النقابات المستقلة تنشط في الجزائر منذ عشريتين كاملتين، خاضت خلالهما نضالات كبيرة، وقدمت تضحيات أكبر، وتوفي عصمان رضوان بسكتة قلبية، وفرضت على أويحيى قضاء ليال بيضاء، خاصة السنة الجارية مع ما يجري في العالم العربي من ثورات. وتعترف التنظيمات النقابية العالمية بكثير من النقابات المستقلة الجزائرية، التي نددت بالتضييق والقمع الممارس عليها من طرف الحكومة الجزائرية، لكن أويحيى الذي يعتبر أنها معترف بها وغير مهمشة، لا يرى ضرورة لإشراكها في التفاوض حول مصير العمال الذين تمثلهم. وفي كل مرة تستنفر النقابات المستقلة قواعدها العمالية، وتملأ الشوارع وساحات المؤسسات والإدارات، وبعد أن يفشل في إسكاتها بالهراوات والغازات المسيلة للدموع، يسرع أويحيى أو من جلسوا على الكرسي الذي يجلس عليه اليوم، و''يهدي'' ثمار تلك النضالات لحليفه الاتحاد العام للعمال الجزائريين، الذي لم يدع منتسبيه للخروج إلى الشوارع وغلق أبواب الإدارات والمصانع للمطالبة بتحسين رواتبهم وظروفهم المهنية والاجتماعية.
من ''حق أويحيى الإنسان'' أن ينفر من التنظيمات التي حرمته من النوم، لكنه يعرف أنه كمسؤول عن الجهاز الحكومي من المفروض أن يكون أحرص الناس على تطبيق قوانين الجمهورية، لم يمارس هذا الالتزام، ولم يلتق منذ أن تقلد مناصب المسؤوليات أي نقابي مستقل، ومنهم الوزير الذي كان ذات يوم يحمل هموم القضاة، عندما كان يناضل. لم يعترف أويحيى أبدا للنقابيين المستقلين بهذه الصفة، ووصفهم في يوم ما عندما خرجوا إلى الشارع، بأنه تحركهم أياد أجنبية. أما اليوم فإنه لا يستطيع، في ظل الظروف ''الحرجة''، التي تعم العالم العربي، أن يقول ما كان يقوله.
يملك الوزير الأول الجزائري أحمد أويحيى مؤهلات مذهلة، ومنها الانقلاب على نفسه دون عناء.
نقلا عن جريدة الخبر الجزائرية

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

المـلـــــف : مصالي الحاج ( المولد ، النشأة و الكفاح )

ملف الخونة : الباشاغا بوعلام.. من بطل فرنسي خلال الثورة إلى منبوذ بعد الاستقلال

تكريم الأستاذ دفوس عبد العزيز: لمسة وفاء لأهل العطاء.