الجزائر : من يصدق أحاسيس الحكومة ؟؟؟

الحكومة التي تحاول أن تثبت للجميع مدى إنسانياتها وحرصها على تدريس التلاميذ، وتسعى لإنقاذهم من فوضى الخلاف بين النقابات والوزارة الوصية، لا تبدو إنسانية جدا ولا حريصة... حين يتعلق الأمر بحالات أخرى، مثل قضية البحارة المختطفين في الصومال، والحجّاج التائهين في البقاع المقدسة، ولا مرضى السرطان الذين تتسابق المصالح الطبية لقتلهم وإراحتهم من الدنيا بالقوة.
من يُصدّق حرص الحكومة على أبناء الجزائريين، ومعظم أبناء الوزراء فيها وبقية المسؤولين يدرسون في أكبر المدارس والمعاهد والجامعات في الخارج؟ ومن يُصدّق وزارة الصحة التي ينزعج المسؤول الأول فيها من مجرد مقال صحفي يتحدث عن إغلاق مصالح معالجة مرضى السرطان، فيأتي تحركه العاجل بدلا من أن يكون لفائدة المرضى أنفسهم، لتصحيح معلومة واستعراض خبرته الطبية وإنسانيته في نشرة الثامنة، على سبيل إرضاء صاحب الفخامة ليس إلا.  
قديما، كنا نعتقد أن المشكلة في هذه الحكومة "العاطفية" تنحصر فقط في كونها جاءت رغم أنف الجزائريين، وأمسكت السلطة بفبركة المشاريع، وتسويقها عبر الإعلام المضلِّل، وبأن الوزراء فيها يكذبون مثلما يتنفسون، لكن أن يصل تفوّق هذه الحكومة لدرجة العبث بأرواح الجزائريين من مرضى السرطان، أو التغاضي عن مصير أولئك البحارة المساكين الذين وجدوا أنفسهم في قبضة القراصنة الصوماليين، أو للتلاعب بالحجاج المسنين، وتركهم على الطرقات وفي الشوارع، فذلك ما لا يمكن وصفه سوى بالعبث المنظم.  
هل البحارة المختطفين، والحجاج المشردين، ومرضى السرطان الموجوعين ليسوا من رعية هذه الحكومة؟ أم أنهم لا يجلبون في حقيقة الأمر للوزراء سوى وجع الراس، وكثيرا من الصداع المزمن، والأفضل أن لا نتحدث عنهم أبدا في الشارع، والصحف وعبر التلفزيون المختطف من حفنة اللامهنيين؟! ماذا عن الجزائريين المعتقلين في العراق؟ ألم يجف رمق سفير بلاد الرافدين وهو يدعو الحكومة المباركة عندنا للسؤال عنهم واستردادهم؟ لماذا تدخلت كل البلدان من أجل السؤال عن معتقليها في غوانتنامو إلا الجزائر، فقد رفضت استقبالهم ولم تفعل ذلك إلا تحت ضغوط دولية، وبعد لف ودوران طويلين؟ ألهذه الدرجة بتنا رخيصين في نظر السلطة؟!  
وبعد كل هذه الحلقات الطويلة والمملة من مسلسل الإهانات في الداخل والخارج، يخرج علينا وزير التربية ومن معه ليتهم الأساتذة بالعدوانية وتضييع مستقبل الأجيال الصاعدة، وبأن هؤلاء لا قلب لهم ولا رحمة، وأنهم يفضلون المال على مصلحة الأطفال، وكأن الوزير ومن معه، لا يعانون من شيء، سوى تضخم في الإنسانية والمشاعر الصادقة، وهم لا يركضون خلف المصالح الشخصية، ولا يقومون الليل للتخطيط من أجل البقاء في المناصب، وكأنهم لم يعيروا اهتماما للدنيا الزائلة، رغم ذعرهم الشديد، فقط، لأن الرئيس طالبهم بالاستقالة قبل الانتخابات، فعن أي إنسانية يتحدث هؤلاء؟!
عن جريدة الشروق اليومي الجزائرية 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

المـلـــــف : مصالي الحاج ( المولد ، النشأة و الكفاح )

ملف الخونة : الباشاغا بوعلام.. من بطل فرنسي خلال الثورة إلى منبوذ بعد الاستقلال

تكريم الأستاذ دفوس عبد العزيز: لمسة وفاء لأهل العطاء.