الشيخ عبد الله جاب الله في حوار لجريدة البلاد الجزائرية

- جاب الله للبلاد :التحقت بحزبي أسماء ستُحدث مفــاجــأة من العيـــار الثقيــل        

- أطالب بإقالة حكومة أويحيى وتعيين أخرى تكنوقراطية لتسيير الانتخابات
-  كنت على علم مسبق بمخطط ”الانقلاب” ضدي في الإصلاح
- لو كان النظام يملك أي دليل يدينني بالفساد لاستعمله ضدي
- التحالف مع حركة سلطاني غير وارد حاليا
  بداية ما تعليقكم على ما صدر في صحف وطنية حول منع الأحزاب السياسية التي لم تعتمد بعد من المشاركة في التشريعيات المقبلة؟
الشيخ جاب الله
ربما هناك قراءة غير صحيحة أو دقيقة للمادة الواردة في قانون الأحزاب، التي تنص على أن التشكيلات السياسية ينبغي عليها إيداع ملفاتها حسب قانون الأحزاب الجديد والآجال القانونية المحددة، وقراءتنا الأولية لمسودة المشروع الجديد تبين أن القانون المعدل أخف بكثير من القانون الساري المفعول، وبالتالي فالأطراف التي تقدم ملفا مستوفيا لشروط القانون القديم ستكون مستوفية بالضرورة لشروط القانون الجديد، إلا إذا أدخل البرلمان تعديلات جوهرية على مشروع القانون، ووقتها سيكون لكل حادث حديث·
 قلت إنك تمتلك مؤشرات ”شبه موثوقة” على أن جبهة العدالة والتنمية ستعتمد قبل الانتخابات، ما هي هذه المؤشرات؟ وهل تخشى بالمقابل أن يُعرقل اعتمادك بناء على حيثيات قرار العدالة الصادر في قضية الإصلاح الذي جاء فيه أنك خرقت قواعد الديمقراطية؟
هذا من الهراء الذي دأبت بعض الأفواه على ترديده، ومجرد الحديث عنه هو إضفاء للمصداقية عليه وأنا لست متفرغا لمثل هذه الترهات· أنا أعتبر هذا وهم يردده البعض وأمل يراود البعض الآخر، وبالنسبة لي كل ما اتصل بالإصلاح هو من الماضي الذي طويته نهائيا·
هل لقاؤك الأخير بوزير الداخلية هو من أعطاك كل هذه الثقة في الحصول على الاعتماد؟
أنا دائما متفائل قبل لقائي بالوزير ولد قابلية وبعده، ولا يجد الوهن والتشاؤم طريقا إلى إنسان واثق إلا إذا كان قلبه معلق بالدنيا· أما من كان قبله عامر بالإيمان دون أن أزكي على الله نفسي، فإنه دائما متفائل ولا يلتفت لمثل هذه الأقاويل ولو كنت متشائما لتوقفت عن أداء واجباتي الدعوية في السبعينيات·
لقائي مع وزير الداخلية كان بروتوكوليا وعاديا للغاية، أكد لي خلاله أن نيتهم في الإصلاح جادة وأنهم قدموا مشروعا دون تفاصيل، يقدرون أنه يستجيب لرغبات المواطنين في فتح الساحة السياسية·
 في الثالث من نوفمبر القادم يمرّ شهران على إيداعكم ملف الاعتماد، ونص القانون واضح بهذا الخصوص، هل سيعتبر الشيخ جاب الله حزبه معتمدا بعد هذا التاريخ وسيعمل وفقا لهذا الاعتبار؟
السلطة تعرف والكل يعرف أن تنظيمنا موجود منذ عقود من الزمن ولا يحتاج إلا لعنوان يُعرف به، وقد أعطيناه هذا العنوان ولا يجب أن تنظر إلينا السلطة كما تنظر إلى الأحزاب السياسية المبتدئة، فنحن لسنا كذلك·
عندما أعلنا تأسيس حركة النهضة سنة 90 كيّفنا قرار التأسيس وقتها على أنه قرار كاشف وليس منشئا، لأننا كشفنا آنذاك فقط عن تنظيم كانت دوائر السلطة تدرك أنه موجود ولكنها لا تملك الدليل على ذلك·
 كيف وجدتم الإقبال بعد إعلانكم تأسيس جبهة العدالة والحرية؟
كان إقبالا لم أتوقعه أنا شخصيا، ومنذ إعلاني عن الحزب الجديد تلقيت اتصالات وطلبات انخراط من كل شرائح وأطياف المجتمع الجزائري، بل دعني أؤكد لك أن أسماء ثقيلة من أحزاب ومنظمات عدة، بل وحتى إطارات في أجهزة الدولة أبدو استعدادهم للالتحاق بجبهة العدالة والتنمية، وحين سيتم الإعلان عن تلك الأسماء أنا واثق أن ذلك سيحدث مفاجأة من العيار الثقيل·
 تقصد هناك شخصيات من أحزاب كبيرة ومنظمات لها حضورها في الساحة؟ 
نعم هناك شخصيات معروفة في الأفلان والأرندي وحمس والنهضة والإصلاح ومن منظمات مدنية وثورية كبيرة· كما أن الأصداء التي جاءتنا من الولايات تعبر عن حجم التفاعل الهائل والقبول الذي لقيته جبهتنا في أوساط المواطنين·
 ترشح أوساط متابعة حزبكم الوليد لأن يكون رقما فاعلا في النتائج الانتخابية المقبلة، هل تتوقعون ذلك فعلا؟
نحن إضافة إيجابية للخريطة السياسية ونحن من أبناء هذا الوطن الحريصين على خدمته، ولا شك أن الشعب الجزائري يعرف هذه الحقيقة ويقدّرها حق قدرها، ولذلك تفاءل خيرا بالإعلان عن جبهة العدالة والتنمية وعبرت شرائح مختلفة من المجتمع عن نيتهم في التعاون معنا على بناء الحزب· الذي يهمنا الآن هو إقرار الانفتاح السياسي بالشكل الحقيقي وأن يتم تقويته والدفع به ليأخذ مداه اللازم حتى يزرع الأمل لدى المواطنين في مستقبل واعد·
 التيار الإسلامي منقسم على ذاته في شكل أحزاب ناشطة بالساحة وأخرى جرى الإعلان عنها مؤخرا، ألا تعتقدون أن هذا الشتات الحزبي سيضر بالقاعدة الانتخابية لهذا التيار بشكل عام؟
نحن الأصل ونحن من يمثل الأصل في حياة التيار الإسلامي في البلاد ولسنا دخلاء، ومثل هذا السؤال ربما يطرح على الفروع وليس على من كان أصلا، ومع ذلك فإن الساحة السياسية واسعة وتسع الجميع وإذا عمل الكل، مع هذا، سيعجز عن استيعاب الساحة كلها·
 طيب رئيس حركة حمس أبو جرة سلطاني، كشف قبل أيام عن رغبته في الابتعاد عن شريكيه في التحالف الأفلان والأرندي، ولم يستبعد عقد تحالف مع جاب الله، ما ردكم على ذلك؟
الواقع يشهد بأنهم مايزالوا في التحالف الرئاسي، وأعتقد أن تصريحات سلطاني مجرد كلام ونحن لا نلتفت لهذا بقدر ما يهمنا في هذه المرحلة بناء جبهة العدالة والتنمية الأفقي والعمودي· أما التحالفات والانتخابات فلكل حادث حديث· أما تحالفنا مع حمس فالأمر غير وارد في المرحلة الراهنة وربما في المستقبل ستتغير الأمور·
 أبدت بعض القيادات التي غادرت حركة الإصلاح في سبيل الالتحاق بالشيخ جاب الله، امتعاضا وخيبة أمل من التهميش الذي طالهم في الحزب الجديد، ماتعليقكم على ذلك؟
نحن فتحنا الحزب لجميع الإطارات القديمة والجديدة وهم مرحب بهم، كما غيرهم، شرط أن يفكر الكل بنية صادقة ومخلصة لبناء جبهة العدالة والتنمية بعيدا عن حسابات التموقع الشخصية·
 يصف البعض الشيخ جاب الله بأنه ورقة انتخابية رابحة للظفر بمقعد في المجالس المنتخبة، ألا تعتقدون أن سرّ الإقبال على حزبكم، كما تقولون، مرتبط فقط بالاستحقاقات القادمة؟
أنا لا أنكر وجود هذا سواء عندنا أو عند غيرنا، المهم أن يصحح الناس نواياهم في الانتساب لجبهة العدالة والتنمية، والحزب مفتوح لكل الخيرين من هذه الأمة ونحن تعلمنا أن السياسة مصالح تحميها وتفرضها مبادئ الحق والعدالة، فكل من آمن بهذا الطرح وأبدى الاستعداد للتعاون مع أبناء الجبهة فهو منا ونحن منه·
 القيادي السابق في الفيس الهاشمي سحنوني قال إنكم عرضتم عليه منصبا قياديا في الحزب لكنه رفض ذلك، هل هذا صحيح؟
هذه أكاذيب وإشاعات، الهاشمي سحنوني زارني منذ أكثر من سبعة أشهر ويومها لم يكن مقررا بشكل نهائي الذهاب إلى تأسيس حزب، وكان شغلي الشاغل وقتها منصبا على جمع شمل التيار الإسلامي، وقد تحدثنا في جملة مواضيع من بينها هذا الموضوع وقلت إنه إذا فشلت مساعي لم الشمل قد أذهب إلى إعلان عنوان جديد·
ونحن في تعريفنا لجبهة العدالة والتنمية كان جوابنا واضحا، وقلنا هو تنظيم سياسي إصلاحي شامل ومفتوح لكل أبناء هذه الأمة، بشرط أن يكونوا متمتعين بحقوق المواطنة كاملة غير منقوصة·
 هل ينكر الشيخ جاب الله سعيه لكسب أصوات ما يطلق عليه قاعدة ”الفيس” المحل؟
دعني أقول لك بكل صراحة ووضوح، هناك من أقبل على الجبهة وهو من الآفلان وهناك من اقبل عليها وهو من الأرندي وحمس والنهضة والإصلاح المخطوفة·· ومن كان في قطاعات الدولة المختلفة، فلماذا يخصص دائما بالذكر مجموعة من المنتسبين للجبهة الإسلامية دون غيرهم·
بالمناسبة أنا لا أبحث عن الكثرة ولا أريد أن أستقوي بالبعض على البعض، أنا لما أقصد شخصا لا أقصده لكونه صاحب مصداقية شعبية، فأنا لا أشكو فقرا في هذا الجانب وأعرف من أكون وأثق بمصداقيتي وثقلي في المجتمع الجزائري وأظن أن سبر الآراء الذي أجرته بعض الجرائد رغم مواقفها السلبية مني قبل سنوات، شاهد قوي على أنني لا أشكوا فقرا في الشعبية والجماهير أو في السمعة·
 هل الشيخ جاب الله مع عودة عناصر الفيس المحل لممارسة النشاط السياسي؟
جماعة الفيس من أبناء الجزائر وهم مطالبون بالتزام القانون· كما يجب على السلطة حمايتهم ورعاية مصالحهم وحفظ حقوقهم على أسس العدل والمساواة وأنا لست مع الذين يشجعون ثقافة الحقد أو الانتقام أو تصفية الحسابات، لأنها ثقافة جاهلية لا تورث إلا ثقافة الفوضى والكره والفتنة·
 يفهم من كلامك أن مساعي لم الشمل التي كنت تعمل لأجلها منذ شهور وفشلت في تحقيقها، قد حذفت من أجندتك نهائيا؟
صحيح كانت لدينا مساعي في هذا الإطار قبل سنوات، ولكنها للأسف باءت بالفشل وبإرادة الغير وليس إرادتنا حتى أكون واضحا·
قبل الإعلان عن جبهة العدالة قدمت كل التنازلات خصوصا مع النهضة، وما ذهبنا إلى الإعلان عن الحزب الجديد إلا بعد رفض الآخرين للجهود التي بذلناها في سبيل لم الشمل مع أنهم للأمانة قدموا بدائل لا نراها خادمة لجمع الشمل، لذلك قمنا بالإعلان عن جبهة العدالة والتنمية وأملي أن تكون إطارا وحدويا جامعا على الأقل لمعظم أبناء التيار الإسلامي والوطني النزيه·
 هل لك أن تذكر لنا تفاصيل عن أسباب فشل مساعيك السابقة في العودة إلى النهضة؟
هذا الأمر لو سُئلت عنه قبل الإعلان عن جبهة العدالة لأجبت· أما وقد طويت صفحة الماضي فقد أتحدث عنه في مذكرات أو ربما في تقويم المسار النضالي مستقبلا· أما أن أفتح الآن مثل هذه المسائل فليست من أخلاقي ولم أنهج هذا النهج من قبل فكيف أنهجه الآن·
وحتى أختم هذه المسألة، أنا وجهت نــداء لرفقــاء النضــال الأوائـــل من
أجل الالتحاق بجبهة العدالة لأنهـا تمثــــل الاستمرار الحقيقي لهذا الفكر، ووجهت نداء لكل أبناء التيار الإسلامي لأن جبهة العدالة هي القوة السياسية الحاملة بصدق للمشروع والمناضلة من أجل التمكين له عبر الخط السياسي الأصيل·
 يفهم من كلامك هذا أن باقي الأحزاب الإسلامية قد انحرفت عن خدمة المشروع؟
أظن أن التاريخ أو الواقع يشهد لها أو عليها، أنا قلت أننا نمثل الاستمرارية لنضالات رجال هذا التيار بحق وصدق، نحن اعتبرنا السياسة مصالح يحكمها الحق· أما من اعتبرها مصالح تحكمها القوة والتزلّف فالتاريخ يشهد له أو عليه·
 قبل أيام مرت ذكرى أحداث أكتوبر ,88 وماتلاها من إصلاحات سياسية أعلنتها السلطة وقتها، كثيرون يعتبرون أننا نعيش هذه المرحلة نفس الأوضاع التي عاشتها الجزائر آنذاك، هل تعتقدون أن السلطة هذه المرة جادة في الإصلاح؟
للأسف، الإصلاحات في التسعينيات أن النخب التي أشرفت على هذه الإصلاحات ظلت تخطط وتبرمج وتقرر الإصلاحات التي تخدم بقاءها في السلطة واستمرارها فيها، وتخوفي اليوم هو من استمرار هذه العقلية اليوم وهو ما سيضر يقينا بالإصلاحات المعلنة· أما إذا تغيرت وأضحى الصدق قائما والإيمان الحقيقي بأن هذا حق الشعب وفي مصلحة الجميع عندئذ ستكون الإصلاحات القادمة أفضل مما عرفته الجزائر من قبل·
أملي أن يصدقوا أكثر وأن يستعرضوا بؤر التوتر التي تشهدها الجزائر وهي بالآلاف، وأن يتعضوا أيضا بما يجري على المستوى الإقليمي والعربي وما حصل من تغير كبير في مواقف المجتمعات الغربية وساستها من هذه الأنظمة التي ظلوا يسندونها طيلة عقود من الزمن، ثم تخلى عنها الغرب لأنه أدرك أن مصلحته لا تكمن في الاستمرار بمساندة هذه الأنظمة وإنما في التخندق مع الشعوب·
 هناك عدد من مشاريع الإصلاحات تناقش حاليا في البرلمان، كيف تقيمونها من وجهة نظركم؟
لحد الساعة الإصلاحات المطروحة على مستوى البرلمان فيها بعض الجدية، رغم وجود ثغرات ببضعها، فمشروع قانون الانتخابات لايزال يبقي على الإدارة سيدة الموقف مع أنها مصدر كل ما لحق بالانتخابات السابقة من تزوير، لكن هناك أيضا بعض الإصلاحات المفيدة في هذا القانون وأملي أن يتدارك البرلمان هذا الأمر وفي قانون الأحزاب أيضا·
 البعض يقول إن الرئيس بوتفليقة جاد وعازم على الذهاب بالإصلاحات إلى منتهاها، لكنه يجد عرقلة من بعض الأطراف، ما تعليقك؟
أنا أعلق على ما أنا متأكد منه، أما القيل والقال فقد يكون صادقا بنسبة 60 أو70 بالمائة وقد يكون أقل، وليس من العقل ولا الإنصاف التعليق على الإشاعات ولكن أملي أن تكون ثمة إرادة صادقة للذهاب إلى إصلاحات شاملة وجادة· وأظن أن خطاب رئيس الجمهورية واضح في إرادته للذهاب نحو إصلاحات جوهرية في جملة مواضيع أفصح عنها في خطابه ثم من خلال لجنة بن صالح، وأي سلوك آخر خلاف هذا اعتبره طعنا في وعود الرئيس بوتفليقة وسياسة الإصلاحات التي تحدث عنها·
وكي أكون صادقا، أنا لا أنفي وجود أناس ليس لهم من همّ سوى مصالحهم لذلك فهم يناورون ويعرقلون، ولكن من بيده القرار أن يدرك أن هؤلاء لو كانوا يصلحون لنفعوا البلاد فيما تحملوا من مسؤوليات سابقة، ولكان الوضع من قبل أفضل مما هو عليه، فهؤلاء جرّبوا وقد ثبت فشلهم والعاقل من لا يرسخ الفشل·
؟ إذن، لماذا قاطعت مشاورات بن صالح إن كنت تثق بهذه الإصلاحات؟
أنا قاطعت جلسات بن صالح للمنهجية التي اعتمدتها في المشاورات، وقد ناقشت، في الرسالة التي أرسلتها إلى بن صالح، المنهجية وأبديت جملة من التحفظات عليها، لأنني أرى أن المواضيع التي كانت محل استشارة ينبغي أن تكون محل شورى وليس استشارة·
 يقال إن الإسلاميين في الجزائر استنفدوا كل رصيدهم، وسيدفعون الثمن غاليا في الاستحقاقات القادمة، هل هذا دقيق؟
هذه مقولة معلولة، فالشعوب حكمت بالنظامين الاشتراكي والليبرالي وما لحقها من أذى وضرر كان في ظل حكم هذه السياسات ولم تجرب حكم الإسلاميين· وهنا يجب أن أشير إلى أن المقصود بالإسلاميين هم الذين يعملون من أجل التمكين لمشروعهم في إطار ما ورد ببيان أول نوفمبر وهذا شكل إجماع الأمة، ونتأسف لكون هدف الثورة لم يحترم منذ الاستقلال إلى اليوم، فلا البعد الديمقراطي تحقق ولا البعد الاجتماعي ولا البعد الإسلامي تحقق بالصورة المطلوبة، لذلك نحن نرى أن الذي حصل هو انحراف بالدولة عن مشروع أول نوفمبر والواجب علينا إعادة القطار إلى السكة·
 لكن التيارات الأخرى تتهمكم بأنكم فشلتم كإسلاميين في بلورة مشروع دولة متكامل واكتفيتم برفع شعارات فقط؟
هذا كذب وافتراء وكلام بعيد عن الواقع، التيار الوحيد الذي قدم وطرح أفكاره بوضوح هو تيارنا، أنا في سنة 97 أصدرت كتابا لايزال موجودا وهو كتاب برنامج ولم يعلق عليه أحد ولا رد عليه أحد، في حين أنهم حكموا الجزائر منذ الاستقلال ولم يقدموا لهذا الشعب غير الفشل والنكسات· هم لم يطرحوا شيئا وإنما أصواتهم صارت مرفوعة لأن في يدهم الإعلام فقط ونحن لا نملكه·
 طيب، لم تجبني، هل ترون حظوظكم كإسلاميين في التشريعيات كبيرة؟
أنا الذي يهمني أن تبسط الحريات وتوفر الشروط الكاملة التي تجعل الانتخابات حرة ونزيهة، وبعد ذلك فأنا راض بالنتيجة وسأثمنها لأننا لسنا طلاب مناصب ومسؤوليات، أنا شاركت في الانتخابات سنة 91 ولم أحصل سوى على مقعدين في الدور الثاني، ومع ذلك باركت النتيجة، ولما بدأ التآمر عليّ أعلنت عن تشكيل تكتل وطني لحماية الاختيار الشعبي·
 كثيرون طالبوا بإقالة الحكومة الحالية وتشكيل أخرى تكنوقراطية للإشراف على الانتخابات المقبلة، ما رأيكم في ذلك؟
نعم، أنا أوافق على ذلك بل أطالب بأن تكون الحكومة المقبلة غير متحزبة، ولا أرى أن إشراف الحكومة الحالية على الانتخابات سيكون في صالح رفع شبهة التزوير عنها·
؟ المتابعون للحراك في الجزائر يجزمون بأن السنتين القادمتين ستكونان حاسمتين في رسم مستقبل الجزائر، هل ترى ذلك بالفعل؟
صحيح، إن المرحلة القادمة والحالية هامة وحاسمة في تاريخ الجزائر، ولذلك أتمنى أن تضع هذه المرحلة الجزائر في الوضع الصحيح من أجل بناء شرعية دستورية حقيقية على الطريق السوي لخلق تنمية شاملة من أجل النهوض بالبلد، وعلى الطريق الصحيح للتكفل العاجل بمطالب المواطنين بما يضمن حقوقهم في العيش الكريم، هذا همي وأملي وأعمل من أجل هذا·
 هناك أحاديث عن أمر يطبخ في الكواليس عما سيكون عليه شكل السلطة في المرحلة المقبلة، ما رأيكم في ذلك؟
أنا شخصيا لا أتمنى أن يمضي هؤلاء في سعيهم للإبقاء على الوضع القائم لأنهم في هذه الحالة سيخطئون التقدير، خصوصا أن زمن الوصاية على الشعوب قد ولى وأضحى الاستماع إلى مطالب غالبية وإرادة الشعب هو طوق النجاة للجميع، وأتمنى أن يدرك من في يده سلطة القرار أن الوقت حان لإعطاء الفرصة للشعب الجزائري حتى يقرر مصيره بيده، وإلا حدث ما لا تحمد عقباه لأن الشعب الجزائري بطبعه ثوري وربما يحدث ما لا يتمانه أي أحد لا قدر الله في حال ذهب هؤلاء في مخططاتهم·
 هل يتوقع الشيخ جاب الله قيام ثورة في الجزائر على غرار ما حصل في دول مجاورة؟
والله هذا أمر لا يمكن التكهن به ولا يملك أحد أن يجيبك عليه بكل دقة، وخير دليل على ذلك ما جرى في مصر وتونس، فمن منا كان يتوقع أن يجري ما جرى·
 هل ترى أن ما يطلق عليه اسم ”الربيع العربي” هو ثورة شعبية أم مؤامرة أجنبية؟
أنا أعتقد أنها ثورات شعبية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، بل كانت نهاية متوقعة لأنظمة عاثت فسادا في الأرض وكان من سنن الحياة أن تلقى مصيرها هذا بعد أن فقدت كل مبررات وجودها، فكان لزاما أن تأتي اللحظة التي يلفظها الشارع·
أنا لست مع الذين يتحدثون عن مؤامرة خارجية لأن الغرب في النهاية ليس إلها تنفذ إرادته المطلقة كما أنه ليس بذلك الذكاء والدهاء للتخطيط لكل ما يجري حاليا·  بالفعل يمكن أن تكون هناك محاولات لخطف هذه الثورات وتحييدها عن الطريق الصحيح، ولكن بإذن الله لن يفلحوا في ذلك·
 يتهمك معارضوك بالاستبداد والدكتاتورية كأحد أسباب الخروج عليك، ما ردك على ذلك؟
هذا كلام سخيف يردده دائما أصحاب النفوس الانقلابية، أنا أتحدى كل من يملك دليلا واحدا يثبت استبدادي ـ كما يقولون ـ أو انفرادي في اتخاذ القرار أو معارضة قرار اتخذه مجلس الشورى وعملت بخلافه، أن يواجهني به، بالعكس أنا كنت رئيس الحزب الوحيد الذي لا يحضر اجتماعات مجلس الشورى الوطني إلا أثناء الافتتاح من باب البروتوكول، وكنت ألتزم بكل ما يصدر عن الهيئات الشورية سواء في حركتي النهضة أو الإصلاح، وأنا أدرك أن ترويج هذه الترهات هو المبرر الوحيد الذي استغله أولئك لتبرير أمر دبر في الخفاء وحضر له مستقبلا·
 هل هذا يعني أن الشيخ جاب الله يعتبر أن استبعاده من النهضة والإصلاح حدث بتخطيط من خارج الحركتين؟
هذا هو الواقع، ما حصل لي في الحركتين كان بتدبير وتخطيط من أطراف في السلطة ونفذ بأيدي أناس من الداخل، وهؤلاء لم يكونوا يمتلكون الجرأة لفعل ما فعلوه لو لم تكن هناك أياد خفية أغرتهم بذلك·
وحتى أكون أكثر صراحة، لقد كنت على علم مسبق بجميع تفاصيل مخطط الانقلاب ضدي في حركة الإصلاح، لكن الذي وقع قد وقع وأصبح جزءا من الماضي·
 لكن، يا شيخ، هؤلاء اتهموك أيضا بتغييب الشفافية في تسيير أموال الحركة، ورفضك الكشف عن الجهات التي تمنحك هبات مالية؟
هذا كلام غير صحيح، وكل من كان في الأطر النظامية داخل الإصلاح يعلم أن هذا الأمر غير واقعي، لأننا كنا الحزب الوحيد على المستوى الوطني وممكن حتى العالمي من يقدم تقاريره المالية والأدبية كل أربعة أشهر، وبالتالي فأنا لا أعتقد أن هناك شفافية أكثر من هذه·
أما قضية التحفظ على ذكر أسماء الواهبين، فهذا حصل بالفعل أيام رئاستي للنهضة ولم يجر إطلاقا في الإصلاح، والسبب في ذلك أن أصحاب تلك الهبات كانوا يتحفظون على ذكر أسمائهم لأسباب أو لأخرى·
ودعني أقل لك إن السلطة لو كانت تمتلك أي دليل يدينني بالفساد لاستعملته ضدي ولشهّرت بسمعتي·
 كلامك هذا لا يعني نفي وجود أخطاء من قبلك في الحركتين؟  
بكل تأكيد، أنا في النهاية إنسان والبشر ليسوا معصومين، وأعترف ببعض الأخطاء التي لا تخرج عن إطار الاجتهاد الذي قد أصيب وقد أخطأ فيه·
حاوره: أ·جوامعي / م·سلطاني / م·دباش

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

المـلـــــف : مصالي الحاج ( المولد ، النشأة و الكفاح )

ملف الخونة : الباشاغا بوعلام.. من بطل فرنسي خلال الثورة إلى منبوذ بعد الاستقلال

تكريم الأستاذ دفوس عبد العزيز: لمسة وفاء لأهل العطاء.