الجزائر : إصلاحات.. أدّي ولا خلّي!

السلطة لا تعبأ كثيرا برأي الشارع والدليل أنها فتحت في الأشهر القليلة الماضية عشرات التحقيقات، ووظفت العديد من اللجان، دون أن تُكلِّف نفسها عناء إطلاع المواطنين على النتائج، أو تبرّر صرف المال العام على تلك التحقيقات دون فائدة، حتى لا نطالبها بمحاسبة نفسها على تضليل الرأي العام الوطني، فنكون حينها من المفرطين في التفاؤل! أحداث الزيت والسكر في جانفي الفارط التي اتهم فيها الوزير الأول أحمد أويحيى "مافيا منظمة" تعرفها السلطة جيدا بالوقوف وراءها، لم يتم الكشف عن اسم واحد منها، وحتى عندما راح البعض يتحدث عن ثورة فايسبوكية مزعومة في 17 سبتمبر الفارط، تبيّن فيما بعد، وحسب بعض التحاليل والمعلومات أن القصة وما فيها، لم تخرج عن دائرة تحايل السلطة على السلطة ذاتها، أو مجرد تصفية حسابات بين التيارات الحاكمة، والدليل أن تقرير أحداث الشغب في فتنة الزيت والسكر، وصل إلى البرلمان في الأسبوع ذاته للثورة الفايسبوكية المزعومة، وتم دفنه في الأدراج طبعا، هذا إن كان هنالك تقرير ومتهمون أصلا؟!السلطة لا تحترم الشعب، ولا تخاطبه إلا من باب الوصاية والتسلط، وهي لم تعد تُتقن حتى أدبيات الخطاب الخشبي الذي مللنا سماعه طيلة العقود الماضية، بل باتت تتعامل مع المواطنين بمنطق "هذا هو القماش، أدي ولا خلّي"، ولذلك فإن الإصلاحات الأخيرة وللمتفائلين جدّا بها نقول، لا تتوقعوا من السلطة الحالية أن تباشر عملية تصفية نفسها بيديها، بل إن كل ما يحدث هو إعادة ترتيب للبيت الداخلي وفقا للمعطيات الجديدة، والتي جعلت من التغيير أمرا ضروريا، بالقوة أو بالسلم، أحبّ من أحب وكره من كره؟!هنالك إرادة ملموسة لإعادة ترتيب المشهد السياسي والحزبي والإعلامي والجمعوي، بالوجوه ذاتها، مع إحداث تغيير طفيف في السيناريوهات المكتوبة، فبدلا من القمع المباشر للمعارضة الشريفة والإعلام الحر، ستكون هنالك رقابة مشددة أو قمع غير مباشر، وبدلا من حبس الصحفيين، سيتم تجويعهم، كما أن الأحزاب السياسية الجديدة لن تحمل تغييرا كبيرا طالما أنها ليست سوى تصحيحيات منشقة عن الأحزاب الموجودة سابقا، والمختلفة حول توزيع الريع ليس إلا، ومعظم الوجوه القيادية فيها مارست العادة السلطوية، سرّا أو علنا؟!الشيء الوحيد الذي بات يقلق السلطة ويوّحِد رؤيتها مع الشارع، هو البرلمان الذي تحول إلى عبء ثقيل، تسعى الجهات النافذة للتخلص منه قبل المواطنين الذين سئموا من وجوهه، والدليل أن السلطة باشرت عمليات شاملة لتنظيف العهدة النيابية من أصحاب الشكارة بفعل تزايد عددهم في السنوات الماضية وتشتّت مصادر القرار بينهم، مع تحول الفساد إلى رياضة يومية بعد ما كان مجرد امتياز مركزي.
نقلا : عن الشـروق اليومي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

المـلـــــف : مصالي الحاج ( المولد ، النشأة و الكفاح )

ملف الخونة : الباشاغا بوعلام.. من بطل فرنسي خلال الثورة إلى منبوذ بعد الاستقلال

تكريم الأستاذ دفوس عبد العزيز: لمسة وفاء لأهل العطاء.