ليبيا : المجلس الإنتقالي أو شبح القذافي

لا أحد يصدّق رئيس المجلس الانتقالي الليبي مصطفى عبد الجليل حين يربط دعوته قوات الناتو من أجل البقاء في ليبيا، بالمخاوف الأمنية، وأيضا حين يقول أنه يمثل الليبيين جميعا في هذا الطلب، لأن عبد الجليل يعرف جيدا أن ليس في مقدوره طرد الناتو الآن، بعد تغيير النظام،‭ ‬كما‭ ‬لا‭ ‬يمكنه‭ ‬أن‭ ‬يدّعي‭ ‬الحديث‭ ‬باسم‭ ‬الشعب‭ ‬الليبي،‭ ‬لأنه‭ ‬يمثل‭ ‬سلطة‭ ‬انتقالية‭ ‬فحسب‭.‬ حتى خبر اعتقال سيف الإسلام، ثم هروبه، والحديث فيما بعد عن إصابته، أو قتله، ثم الزعم بتواجده على الحدود مع النيجر، هائما في الصحراء، كلها أخبار "كاذبة" تختلط بالشائعات "الصحيحة"، وتعبر عن تخبط صريح داخل المجلس الانتقالي، علما أنه ليس من مصلحة الناتو الآن، الإعلان‭ ‬عن‭ ‬القبض‭ ‬أو‭ ‬مقتل‭ ‬سيف‭ ‬الإسلام،‭ ‬وذلك‭ ‬بغرض‭ ‬تحويله‭ ‬إلى‭ ‬بعبع‭ ‬خطير،‭ ‬يبرر‭ ‬حضور‭ ‬القوات‭ ‬الغربية‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬حماية‭ ‬الشعب‭ ‬الليبي‭ ‬منه،‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬التحرير؟‭!‬
السلطة الانتقالية في ليبيا الآن تواجه معركة حقيقية لإثبات وطنيتها، كما أنّ القوى الغربية لن تتخلى عن الكعكة الدسمة بعد المساهمة في الحصول عليها، لكن في المقابل، لا أحد يمكنه اليوم أن يبرر بقاء الغرب في الأراضي الليبية، واستبدال اللصوص القدامى بلصوص جدد، أو‭ ‬التحصن‭ ‬بالحماية‭ ‬الأطلسية‭ ‬العسكرية،‭ ‬سوى‭ ‬بالقول‭ ‬أننا‭ ‬نواجه‭ ‬مرحلة‭ ‬أصعب‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬عاث‭ ‬فيها‭ ‬القذافي‭ ‬وأبناؤه‭ ‬فسادا‭ ‬في‮ ‬البلد‭. ‬
ألم يتحول نوري المالكي في العراق إلى طاغوت جديد، أقسى من صدام حسين؟ كما أن الحكومة العراقية العميلة، لا تتوقف عن استجداء القوات الأمريكية المحتلة من أجل البقاء على أراضيها رغم اضطرار إدارة أوباما لسحب تلك القوات تحت ضغوط الشارع والكونجرس. من يضمن أن لا يتحول‭ ‬مصطفى‭ ‬عبد‭ ‬الجليل‭ ‬إلى‭ ‬مجرد‭ ‬دمية‭ ‬في‭ ‬يد‭ ‬الفرنسيين،‭ ‬مثل‮ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬حامد‭ ‬كرزاي‭ ‬في‭ ‬يد‭ ‬الأمريكيين؟‭!‬ألم يدفع استمرار الظلم والقتل بدون محاكمات، وعمليات الاختطاف والفساد في العراق، إلى أن يطرح العراقيون السؤال التالي: هل مات صدام فعلا؟ ماذا لو تغيرت المواقع فقط في ليبيا، واستمر الاستبداد بوجوه جديدة، فهل يمكن حينها التصديق فعلا أن القذافي مات؟!ماذا لو كان معمر القذافي وافق على الرضوخ والتنازل أكثر للغرب الاستعماري مقابل بقائه في السلطة، ألم يكن سيستمر حينها ملكا لملوك إفريقيا، ويتحول مصطفى عبد الجليل وجماعته إلى انقلابيين، أو على الأقل، ما كان الغرب ليتدخل بتلك الصورة، ويصمت على جريمة إبادة شعب‭ ‬بكامله‭ ‬مثل‮ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬سوريا؟ ‬ذهب القذافي غير مأسوف عليه، مثله مثل كل المستبدين الذين لم يحسبوا أن نهايتهم وشيكة، أو راهنوا على عسكرة المجتمع والاستجداء بالأجنبي، بدلا من شعوبهم في سبيل الاستمرار في السلطة، لكن الأهم الآن، هو التطلع ليوم يصعد فيه قيادي جديد، يخرج من رحم هذا الشعب الليبي‭ ‬الذي‭ ‬أثقلته‭ ‬سنوات‭ ‬الحرب‭ ‬والحصار،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬يعلن‭ ‬يوم‭ ‬تحرير‭ ‬ليبيا‭ ‬من‭ ‬الاستبداد‭ ‬والاحتلال‭ ‬معا

تابعنا على تويتر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

المـلـــــف : مصالي الحاج ( المولد ، النشأة و الكفاح )

ملف الخونة : الباشاغا بوعلام.. من بطل فرنسي خلال الثورة إلى منبوذ بعد الاستقلال

تكريم الأستاذ دفوس عبد العزيز: لمسة وفاء لأهل العطاء.