المرشح الحاضر الغائب في انتخابات الرئاسة الجزائرية

الرئيس لا يظهر على الملأ ورجاله هم وكلاؤه في حملات الترشح،          المعارضة الشعبية تتصاعد في وجه العهدة الرابعة.
المعارضة الشعبية و السياسية للعهدة الرابعة تتصاعد مع اقتراب الانتخابات الرئاسية في الجزائر
شهدت الجزائر بعد إعلان الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة عن ترشحه للانتخابات، موجة احتجاجات عارمة في الشوارع لنشطاء وأحزاب رافضين لانتخابات الرئاسة وترشح بوتفليقة لولاية رابعة، مطالبين خلالها برحيل النظام الحاكم بطرق سلمية، في مقابل ذلك لم يستطع النظام حشد الكثير من مناصريه في وجه المظاهرات ضده.
وفي صالة رياضية مكتظة بالحضور غرب الجزائر تحدق صور الرئيس عبد العزيز بوتفليقة المعلقة في أنصاره الذين تجمعوا لتأييد إعادة انتخابه رئيسا للبلاد، لكن الرئيس الذي أنهكته الإصابة بجلطة قبل عام لا يظهر بنفسه، وهو ما أكد للكثير فرضية عدم قدرته على القيام بدوره في حال فوزه.
رجال بوتفليقة
خلال حملة الدعاية للانتخابات التي تجري يوم 17 أبريل ظل بوتفليقة بعيدا معظم الأوقات عن عيون الشعب ولم يظهر سوى في لقطات تلفزيونية موجزة مثلما كان الحال منذ إصابته بالوعكة الصحية، وقد أثار غيابه وحالته الصحية شكوكا فيما سيحدث عقب الانتخابات في الجزائر التي تشهد جدلا سياسيا واسعا، أثاره وضع الرئيس الصحي.
وفي الوقت الحالي ينفذ بوتقليقة حملة الدعاية من خلال وكلاء، إذ يقوم رئيس وزرائه السابق وحلفاء له بجولات في مختلف أنحاء الجزائر للدعوة لانتخابه، وأصبح في حكم المؤكد أن يفوز بوتفليقة بجولة رابعة بعد أن قاد البلاد على مدى 15 عاما. ويؤكد أنصار بوتفليقة أنه يمكنه الحفاظ على استقرار الجزائر، وينسب إليه الفضل في إنهاء الحرب الأهلية الدموية التي شهدتها البلاد في التسعينات بين الدولة والمسلحين الإسلاميين.في بلد مازال يعاني من آثار الحرب التي أزهقت أرواح 200 ألف شخص وحدت من مطالب التغيير، التي شهدتها تونس ومصر وليبيا في انتفاضات الربيع العربي منذ 2011.
ولا يواجه بوتفليقة تحديا يذكر من المرشحين المنافسين له رغم غيابه بفضل دعم الآلة السياسية لحزب جبهة التحرير الوطني والجيش وكبار رجال الأعمال، حيث ظهر الرئيس الجزائري على التلفزيون الأسبوع الماضي، وهو يستقبل أمير قطر ويمازح وزير الخارجية الأميركي جون كيري باللغة الفرنسية وذلك في أطول ظهور علني له منذ عام، في حركة أرجعها المراقبون بأنها رد مباشر للرأي العام الذي يشكك في صحته ومدى قدرته على قيادة البلاد حاليا.
بوتفليقة في سطور




* ولد في الثاني من مارس عام 1937 التحق بثورة الجزائر من أجل الاستقلال عن فرنسا. شغل منصب وزير الخارجية 16 عاما حتى عام 1979.
* بعد وفاة الرئيس هواري بومدين تدهورت الأوضاع بالنسبة إليه وذهب إلى منفى اختياري عام 1981 ليهرب من اتهامات بالفساد أسقطت فيما بعد. ثم عاد إلى الجزائر عام 1987.
* فاز بوتفليقة بانتخابات الرئاسة عام 1999 بدعم من الجيش.
*في عام 2004 أصبح بوتفليقة الرئيس الجزائري الوحيد الذي ينتخب لولاية ثانية.
* في عام 2009 حصل بوتفليقة على نسبة 90 بالمئة من الأصوات في انتخابات الرئاسة ليفوز بولاية ثالثة مدتها خمس سنوات.
* سعى بوتفليقة إلى تفادي اكتساب دعوات المعارضة للاحتجاج فوعد بمزيد من الحريات الديمقراطية وأصدر أوامره باتخاذ إجراءات جديدة لتوفير الوظائف. وقال أيضا إن حظر المسيرات الاحتجاجية سيظل قائما على الرغم من رفع حالة الطوارىء في فبراير عام 2011.
* خضع إلى فحوص طبية في فرنسا عام 2006. وأشارت برقيات دبلوماسية أميركية مسربة إلى أنه كان مصابا بالسرطان.
*نقل بوتفليقة إلى مستشفى في فرنسا بعد إصابته بجلطة عام 2013 وعاد إلى الجزائر في يوليو للنقاهة. ويتوقع مراقبون أن يفوز بوتفليقة بانتخابات الرئاسة التي ستجري هذا الشهر لكنه كلف رئيس وزرائه السابق وقيادات أخرى موالية له بتولي الحملة الانتخابية نيابة عنه.
* نادرا ما شوهد في مناسبات عامة أو أدلى بتصريحات علنية منذ مرضه.
ومنذ مرض بوتفليقة عزز حلفاؤه وضعهم الداخلي، فنقلوا بعض كبار الضباط وعزلوا البعض الآخر للحد من نفوذ وكالة الاستخبارات في الحياة السياسية وعينوا موالين لهم في المناصب الكبرى، حيث احتد النزال الداخلي قبل سنة بين التيارين الكبريين في دواليب السلطة، الذي دار بين جناح بوتفليقة، الذي كان قد التأم أيام مشروع الوئام المدني والمصالحة الجزئية مع نهاية تسعينات القرن الماضي، وبين جناح المخابرات التي تعد المركز الأول للقرار بالجزائر وواحدة من أقوى الأجهزة الاستخباراتية على المستوى الدولي.
وإلى ذلك الوقت كان الغموض يكتنف المشهد الجزائري، إلى أن ظهرت مؤشرات عودة بوتفليقة إلى الحياة السياسية مرة أخرى، بعد أن مهد حلفاؤه الطريق لذلك، من خلال تصريحات تشير إلى إمكانية ترشحه. وما إن تم إعلان ذلك رسميا، اجتاحت البلاد موجة غضب عارمة، حيث أيقض ترشح بوتفليقة لعهدة رابعة، موجة من الرفض والغضب بين الجزائريين الذين تعاظمت لديهم الشكوك في وجود خطة للتحكم في الاختيارات الانتخابية للجزائريين لانتخاب الرئيس المقبل للبلاد، وبدأ الغضب والاستياء يتخذ صيغا تنظيمية على مستوى الشارع، وظهرت حركة احتجاجية منظمة اخترقت جدار الخوف وبدأ احتلالها للشوارع يتسع، وعظم على المستوى السياسي التوافق والتنسيق في صفوف المعارضة لإسقاط العهدة الرابعة وكثر المنسحبون من المنافسة على الرئاسيات بسبب شكوكهم في نزاهتها، وانتظمت في المواقع الاجتماعية مبادرات لحشد الرأي العام الجزائري ضد استمرار بوتفليقة، وبتحركات قابلتها أجهزة النظام بقمع شديد.

كفاح المعارضة
تشكك المعارضة السياسية الجزائرية في مدى استقلالية قرار بوتفليقة لترشحه للرئاسة، فهي ترى أن المتحكمين في اللعبة السياسية في البلاد هم من دفعوه للترشح وهذا ما دفهم لمطالبته بالخروج أمام الجزائريين ويعلن بنفسه موقفه، ولاحتواء مواقف المعارضة التي اتخذت لهجة تصعيدية مع النظام ظهر بوتفليقة على التلفزيون العمومي، ليعلن ترشحه للانتخابات في صورة وضحت أكثر مرضه وعدم قدرته على الحديث بأريحية. ويقول المراقبون أن الصورة الصحية للرئيس تسببت في اندلاع مزيد من الجدل والشكوك في قدرة بوتفليقة على قيادة البلاد بعد ترشحه في وقت يعتقد الجزائريون أن فوزه مضمون كما تنقل المواقع الاجتماعية و تؤكدها تصريحات السياسيين في الإعلام الجزائري غير الرسمي، وهو ما تؤكده أيضا قطاعات في المعارضة أعلنت انسحابها من سباق الترشح نظرا لعدم نزاهتها.
ومع انتهاء الأسبوع الثاني للحملات الدعائية لانتخابات الرئاسة و بدايتها لأسبوعها الثالث والأخير، احتدم الجدال بين دعاة المقاطعة وأنصار المشاركة. ويجمع مراقبون ووسائل إعلام محلية وحتى شخصيات في المعارضة على أن هذا السباق الرئاسي محسوم سلفا لبوتفليقة، وهو ما يفسر العزوف الشعبي عن الحملات الانتخابية.
وتقود دعوات المقاطعة “تنسيقية الأحزاب والشخصيات المقاطعة للانتخابات،” التي تضم 4 أحزاب أعلنت عن مقاطعها، ثلاثة منها إسلامية وهي مجتمع السلم والنهضة وجبهة العدالة والتنمية، إلى جانب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، ذي التوجه العلماني. كما تضم التنسيقية المرشحين المنسحبين من سباق الرئاسة، وهما رئيس الحكومة الأسبق أحمد بن بيتور، ورئيس حزب “جيل جديد” (معارض)، جيلالي سفيان.
يعتبر المنتقدون من صفوف المعارضة أن الجزائر قد تكون أكثر استقرارا في حال انسحاب بوتفليقة من الحكم مؤكدين على تفشي الفساد وركود الحياة السياسية والاقتصادية، كما يقولون أنه بعد عشرات السنوات التي كانت للدولة فيها السيطرة على الاقتصاد، تحتاج الجزائر إلى إصلاحات لتخفيف القيود التي تكبل الاستثمار الخارجي، كما أن ناتج قطاع الطاقة الذي يمثل أكثر من 90 في المئة من إيرادات الدولة يشهد ركودا.
عبد الله جاب الله : "هذا البلد عبارة عن ملكية خاصة، نريد ثورة سلمية لا ثورة عنيفة للتغيير"
عبد الله جاب الله : "هذا البلد عبارة عن ملكية خاصة، نريد ثورة سلمية لا ثورة عنيفة للتغيير"
في هذا الصدد قال عبد الله جاب الله أحد قادة حزب العدالة الإسلامي وهو من الجماعات التي تقاطع الانتخابات “هذا البلد ليس حتى مملكة وهو مِلكية خاصة، نريد ثورة سلمية لا ثورة عنيفة للتغيير. أقل ما يمكن أن نفعله هو أن نقول لا للانتخابات.” ويرفض كثير من الشبان الجزائريين المناورات السياسية، لكن الاحتجاجات أكثر شيوعا بسبب أسعار الغذاء والبطالة والإسكان والخدمات والقروض وكلها الشكاوى التي تفجرت وتحولت إلى ثورة في تونس قبل ثلاث سنوات.
وعندما تفجرت الانتفاضات العربية عام 2011 أطلق بوتفليقة وعدا مبهما بإجراء إصلاحات سياسية لكنه رفع الإنفاق أيضا بنسبة 25 بالمئة واستخدم احتياطات البلاد من النقد للتخفيف من حدة الاحتجاجات والإنفاق على أجور العاملين بالقطاع العام وعلى الوظائف والإسكان ودعم أسعار الدقيق (الطحين) والحليب وزيت الطعام.
ولكن البلاد لا تزال تشهد اضرابات واحتجاجات متفرقة، باعتبار أن آفاق الإصلاح ستظل قاتمة في حال استمرار بوتفليقة في الحكم لولاية رابعة، وفي ظل صراع العديد من مراكز النفوذ المتنافسة في الجزائر مثل مؤسسة الرئاسة والجيش، يبقى الوضع السياسي في الجزائر غامضا في انتظار ما ستؤول إليه النتائج التي ستحسمها الانتخابات الرئاسية القادمة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

المـلـــــف : مصالي الحاج ( المولد ، النشأة و الكفاح )

ملف الخونة : الباشاغا بوعلام.. من بطل فرنسي خلال الثورة إلى منبوذ بعد الاستقلال

تكريم الأستاذ دفوس عبد العزيز: لمسة وفاء لأهل العطاء.