حول تمرد الأفافاس : المجاهدان ورداني الحسن وبن طالب لحسن يتحدثان عن تمرد 1963:

المجاهدان ورداني الحسن وبن طالب لحسن يتحدثان عن تمرد 1963:

كُنَّا 3500 مقاتل واعتقال آيت أحمد أنهى الحركة المسلحة

مكتب بجاية: مبروك. ع/ طباخ. ج / ن. أوهاب
القائد التاريخي - حسين آيت أحمد
القائد التاريخي - حسين آيت أحمد

 تلقينا تعليمات بعدم إطلاق الرصاص على الجنود إلا حين استهدافنا

شهدنا ظروفا أقل ما يقال عنها إنها مزرية بالجبال التي كنا ننشط فيها خاصة بعد التحاق العقيد أمحند أولحاج بالجيش واعتقال حسين آيت أحمد، حيث أضحينا "رعية من دون راعي"، كما أن سكان منطقة القبائل لم يعد بمقدورهم مساعدتنا بسبب الظروف المزرية التي كانوا يعيشونها بدورهم، حيث كنا نأكل أحيانا ونبقى للجوع الذي يفترسنا أحيانا أخرى، وهو ما دفعنا في كثير من الأحيان إلى أكل الحشيش لسد الرمق. 
استعاد المجاهدان في حرب التحرير ورداني الحسن وبن طالب لحسن في شهادتيهما لـ"الشروق" الظروف العامة السائدة بالبلاد غداة الاستقلال ودوافع انخراطهما في حركة التمرد العسكري وكذا التعليمات التي وصلتهم بخصوص عدم إطلاق النار على الجنود إلا للدفاع عن النفس وكذا الظروف المزرية التي عاشوها بالجبل بعد اعتقال آيت أحمد ودعوة بومدين لهم إلى ترك السلاح والالتحاق بأهاليهم.

المجاهد ورداني الحسن:
الجيش أجبر حزب المعارضة على التمرّد 
أمام فرحة الاستقلال التي لم تكتمل بعدما وأدتها الديكتاتورية وقانون الغاب الذي ساد آنذاك أسس حسين آيت أحمد حزبا معارضا رفضته السلطة وأخرجت في وجهه الجيش بغية قمعه وهو مادفع الحزب إلى تبني "الكفاح المسلح" للدفاع عن الحقوق المهضومة والديمقراطية التي كنا نحلم بها. 
كنتُ مجاهدا في صفوف جيش التحرير الوطني إبان الثورة، أنا من مواليد 20 فبراير 1947 بأكفادو، كنتُ أموِّن المجاهدين بالمؤونة الضرورية بالنظر إلى صغر سني وعدم شك قوات الاحتلال فيّ. الأفكار الجميلة التي يحملها حزب المعارضة المؤسس دفعتني إلى تبني "الكفاح المسلح" والنشاط على مستوى منطقتي أكفادو وبني كسيلة حيث كان فريقنا يتكون من حوالي 50 عنصراً من بينهم بولحية الحسين، الحسين آيت عثمان، أمحند السعيد أودحمان وغيرهم...

الاشتباكات خلّفت 6 قتلى
شهدتُ العديد من الاشتباكات والمواجهات بين عناصر الحركة والجيش في نقاط متعددة من منطقة نشاطي، حيث كان الجيش يبذل الكثير من الجهد بحثا عنا في الوقت الذي تلقينا نحن تعليمات من قيادة الأركان بعدم إطلاق الرصاص على الجنود إلا في الحالات القصوى المتعلقة بالدفاع عن النفس. ومن بين الاشتباكات التي لا أزال أذكرها كانت على مستوى قريتنا المسماة "جرَّاح"؛ فبعد تنقلي رفقة 4 عناصر آخرين لتفقُّد حال أهالينا بالمنطقة تسرب الخبر إلى عناصر الجيش التي طوّقت القرية بكاملها وشرعت في إطلاق كثيف للنار، لكننا استطعنا أن ننجو من الموت بأعجوبة كبيرة بعدما استطعنا التسلل وسط الأحراش والمسالك الوعرة التي كنا نعرف أدق تفاصيلها، بعكس الجنود.
هذا في الوقت الذي سقط فيه 4 من عناصر الحركة على مستوى اشتباك آخر وقع بمنطقة بني كسيلة وكنت حاضرا فيه. أما في اشتباك "تاقابة" فقد سقط أحد عناصر الحركة المكنى "دا السعدي" الذي كان مكلفا بالحراسة على مستوى إحدى المرتفعات. إلى جانب سقوط عنصر آخر في اشتباك "اغيل نزكري".

المجاهد بن طالب لحسن: 
من أغرام إلى إيلولة
كنت ضمن عناصر حركة "الكفاح المسلح" على مستوى مسقط رأسي بمنطقة أغرام الواقعة بحوض الصومام رفقة اثنين آخرين من بينهما امرأة تكنى "لا يمينة" القاطنة بمنطقة "آيت سلام". بعد تسرُّب خبر نشاطنا إلى الجنود اضطررنا إلى مغادرة المكان باتجاه منطقة "آيت العزيز" حيث تركنا المرأة في الوقت الذي التحقنا فيه نحن بجماعة "بوراي أمحند أورابح" الناشطة بمنطقة إيلولة بولاية تيزي وزو.
خلال فترة نشاطي بالمنطقة تلقينا تعليمات بعدم إطلاق الرصاص على الجنود وعدم السعي لقتلهم، إلا إذا تعلَّق الأمر بحالة الدفاع عن النفس. وفي حال توقيفنا لأحد الجنود وإبلاغ قيادة الأركان بذلك كانت هذه الأخيرة تأمرنا دائما بتجريدهم من السلاح والزيّ العسكري وإطلاق سراحهم دون أن يمسهم أي أذى.

ضعفنا بعد توقيف آيت أحمد 
شهدنا ظروفا أقل ما يقال عنها إنها مزرية بالجبال التي كنا ننشط فيها خاصة بعد التحاق العقيد أمحند أولحاج بالجيش واعتقال حسين آيت أحمد حيث أضحينا "رعية من دون راعي"، كما أن سكان منطقة القبائل لم يعد بمقدورهم مساعدتنا بسبب الظروف المزرية التي كانوا يعيشونها بدورهم حيث كنا نأكل أحيانا ونبقى للجوع الذي يفترسنا أحيانا أخرى وهو ما دفعنا في كثير من الأحيان إلى أكل الحشيش لسد الرمق. 
وبالنظر إلى عدم جدوى الحل العسكري بسبب عددنا المقدر بحوالي 3500 عنصر على مستوى منطقتي بجاية وتيزي وزو، ودعوة بومدين لنا إلى التخلي عن السلاح والالتحاق بالأهالي من دون أن يمسنا أي أذى، شرعت العناصر في الالتحاق تِباعا ببيوتها، وكانت تلك العناصر التي تتوفر على عائلات في السلطة، هي السباقة للنزول على اعتبار أنها تضمن توفير الحماية لها، في حين بقي البسطاء من العناصر الحركة وقتا قبل الالتحاق بأهاليهم بسبب الخوف السائد من حملة الاعتقالات المباشِرة.

التحقت بفرنسا خوفا من الاعتقال
بعد نزولي من الجبل من بين الأواخر ووضعي للسلاح، قضيت عاما كاملا من دون أن أخلد للنوم ببيتي خوفا من اعتقال عناصر الأمن العسكري لي على غرار ما حدث مع عناصر أخرى منخرطة في الحركة، حيث كنت أتنقل بين الأهل والأقارب للمبيت عند هذا وذاك، بعدها قررت الهجرة إلى فرنسا وبالتحديد خلال سنة 1966 وبقيت مناضلا في صفوف حزب جبهة القوى الاشتراكية ولم أعد إلى أرض الوطن إلا بعد وفاة بومدين، وبالتحديد خلال سنة 1985.
أنا لم أعمد يوما إلى قتل أيّ مواطن جزائري، إنما انخرطت في الحركة دفاعا عن الديمقراطية التي يجب أن يعيش المواطن في كنفها وليس مقابل أموال وعقارات أحصل عليها.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

المـلـــــف : مصالي الحاج ( المولد ، النشأة و الكفاح )

ملف الخونة : الباشاغا بوعلام.. من بطل فرنسي خلال الثورة إلى منبوذ بعد الاستقلال

تكريم الأستاذ دفوس عبد العزيز: لمسة وفاء لأهل العطاء.