الغيمة جيلالي حول تمرد الأفافاس/ الحلقة الثانية

الغيمة جيلالي يواصل شهادته : 

هذه هي أسرار وساطتي بين مبعوث بن بلّة ودحيلس خليفة أولحاج

حاوره: بلقاسم عجاج
الغيمة جيلالي
                                                الغيمة جيلالي

 عبرت الحدود المغربية على طريقة الثورة بتقطيع "الباربولي" للقاء قائد جيش الأفافاس

 الجنود تعاملوا مع العائلات كأعداء ووقعت مناكر كبيرة في قرى القبائل


يروي الغيمة جيلالي لـ "الشروق"، في الحلقة الثانية والأخيرة، ظروف الصدام العسكري بين مقاتلي الأفافاس والجيش، سير المعارك، ثم التفاوض مع حكومة بن بلة ودوره كوسيط بين مقاتلي الأفافاس ومبعوث الحكومة، وكيف حاصرت الشرطة منزله بعدما توجّه إلى المغرب ليلتحق بقائد جيش الأفافاس.
 
 متى بدأ أول منعرج لانقسام قادة الثورة بعد الاستقلال؟ 
لقد تكوَّنت حينها "مجموعة" وجدة و"مجموعة تيزي وزو" وقسموا الولايات، ودخلت قيادة الأركان بـ 35 ألف جندي ومعها السلاح الذي أهدته لها مختلف البلدان الصديقة للثورة التحريرية، كان هناك مخزن كبير على مستوى الحدود بكل من تونس والمغرب، ولما وقع الخلاف قررت الحكومة المؤقتة حل قيادة الأركان .
وفي 30 جوان 1962، تأزمت الأمور، وقال بومدين وبن بلة: سندخل البلاد سواءً قبلت الحكومة المؤقتة أم رفضت، وحصل قتالٌ كبير، حينها خرج الشعب وقال: "سبع سنين بركات"، وتم اللقاء في 2 أوت 1962، وحينها تأسس المكتب السياسي الذي يعين المجلس التأسيسي لبداية نظام جديد، ولاحظ بوضياف الخلاف في المكتب السياسي، ولم يرض بتعيين النواب في المجلس، وفي 20 سبتمبر تم تعيين المجلس، وتم الاجتماع، يوم 25 سبتمبر وتسمية الوزارات ورئيس الحكومة.

 ما هو دور حسين آيت أحمد آنذاك؟
تحدث آيت أحمد كثيرا ولم يجد آذاناً صاغية. وفي نهاية جويلية 1963، استقال من المجلس التأسيسي ولحقه فرحات عباس الذي استقال من رئاسة المجلس- سير لمدة سنة وحضر مشروع الدستور حسب المحامي بن عبد الله- وقال بن بلة لممثلي قسمات الأفلان: أنتم ممثلو الشعب ويجب أن تصوِّتوا على الدستور، وسمع فرحات عباس بالواقعة فقرر الاستقالة، في 13 أوت 1963، لأن الدستور يناقشه المجلس.

وكان هناك خلافٌ سابق عن مقتل خميستي، وكان خيضر أمينا عاما للجبهة فاستقال في مارس 1963، رافضا السياسة المنتهَجة، وتولى بن بلة منصب الأمين العام للجبهة ورئيس الحكومة، وفي 26 جوان 1963، سجن بن بلة كلاًّ من محمد بوضياف على خلفية تكوين الحزب الثوري الاشتراكي "بي ار اس" ومعه صالح صوت العرب (قائد الولاية 2)، وعلواش من الولاية الرابعة وبن يونس مسؤول فدرالية فرنسا، وبقوا قرابة 10 أشهر في السجن ثم نُقلوا إلى الصحراء، وفي كل مرة يتساءل آيت احمد في المجلس عن دوافع سجن بوضياف وقادة آخرين كانوا برفقتهم في الكفاح المسلح؟
وفي يوم 10 سبتمبر عُين بن بلة رئيسا للجمهورية، وساعتها قال آيت أحمد "يجب أن نؤسس حزبا"، وحينها حل بن بلة المجلس في 15 سبتمبر 1963، وقررت قيادات إنشاء حزب والدخول في نقاش مع الحكومة، حيث التقى 11 شخصا مثلوا مختلف مناطق الجزائر، وسمي الحزب بـ"جبهة القوى الاشتراكية"، وضمت المجموعة كلاًّ من حسين آيت أحمد، بلعيد بدري (سجن من 63 إلى 65)، العقيد محند أولحاج قائد الولاية 3، محمد علي عمار (قيادي مع بوضياف في البي ار اس)، أبو بكر بلقايد (إطار قيادي مع بوضياف)، عبد النور علي يحي (إطار نقابي، وكان يحضر لحزب الاتحاد من أجل الدفاع الاجتماعي)، الرائد لخضر بورقعة (قائد الولاية الرابعة)، سليم دحيلس (عقيد بجيش التحرير)، ارزقي هرمو  (نقيب بالولاية الرابعة)، محي الدين موساوي (مستشار الحكومة المؤقتة)، مراد أوصديق (كان مسؤولاً عن المحامين).
وفي 29 سبتمبر، في ساحة تيزي وزو، تم اللقاء لكن السلطة أعطت الحزب صفة "حزب جهوي"، ومن أهداف الأفافاس الوصول إلى دولة القانون ودستور مستوحى من فكر الدولة ويناسب أفراد المجتمع، مع احترام الحريات، وإرساء العدالة الاجتماعية.
وبعد أربعة أيام، كان بن بلة قد استحوذ على كل الصلاحيات وسيطر على السلطات العسكرية والمدنية، وقرر إرسال العسكر إلى تيزي وزو، يوم 5 أكتوبر 1963، وبدأت الحرب على المنطقة، وعيِّن سعيد عبيد بدل محند أولحاج، وتوزع الجنود على الجبال، والعسكر يتبعونهم، وبدأ القتال مع الجيش، وأول من مات اثنان بعزازڤة وهما الرقيب عدول والعريف حريشة حيث سمي عليهما شوارع بالعاصمة.

 هل طالت مدة القتال؟
حينما انتهك المغرب حرمة التراب الوطني واحتل بعض المناطق المتاخمة له، قال بن بلة في الإذاعة: "يا خاوتي راهم حڤرونا"، فأرسل محند أولحاج "جنود الأفافاس" إلى تندوف، ولما توقفت الحرب وعاد العسكر إلى تيزي وزو، التقى مسؤولو الولاية وآيت أحمد مع بن بلة لإيجاد الحل لكنهم لم يخلصوا إلى اتفاق، وقال بن بلّة: "إذا أردتم الرجوع فلكم ذلك، لكن الحزب لا"، وحينها رفض بومدين بصفته وزير الدفاع تأسيس الحزب، ووقع خلافٌ بين الولاية والأفافاس، وانقسم مسلحو الأفافاس على اثنين؛ فرقة مع محند أولحاج الذي عاد مع الحكومة وفرقة ثانية قالت: لا، وبقت مع آيت أحمد وهم غالبية، وعادت الحرب بين الجيش ومقاتلي الأفافاس، وساعتها اتهمت السلطة آيت أحمد بـ"الجهوية"، ودعّم الإعلامُ موقف الحكومة.
وكانت النتيجة مقتل 453 مع عدد من المفقودين، وبقي آيت أحمد مع مقاتليه إلى غاية 17 أكتوبر حيث ألقي عليه القبض.

 يشاع أن طريقة توقيف آيت أحمد تشبه الإيقاع بصدام حسين في حفرة، ما حقيقة ذلك؟
- أبدا، إنما تم توقيفه في إحدى القرى، ويُقال إن التعذيب وقع على أحد الممرضين في دشرة آيت زلال في دائرة مقلع فكشف عن مكان تواجد آيت أحمد، ومن عايش الأحداث استغرب ما قام به الجنود في حق العائلات، وتصرفوا معهم كأعداء ووقعت مناكر كبيرة حينها، وفي بعض المناطق قيل إن ما وقع أحيانا تجاوز ما فعلته قوات المستعمِر.

 هل تستذكر أهم الوقائع؟
أكثر الوقائع التي أثرت في نفسي، الخديعة التي طالت الرائد موسى من طرف الملازم عبد الوهاب الذي كان في دائرة ايزواسيف وكان مسؤول الناحية بالجيش الوطني الشعبي، حيث بحث عن الرائد موسى الذي كان في جيش التحرير، وجاء موسى بجنود معه إلى عبد الوهاب لملاقاته على أساس الثقة، وتناقشا على القضية، وقال الرائد موسى: "سأستشير إدارة الأفافاس"، لكن الملازم عبد الوهاب رمى الرائد بالرصاص بمجرد خروجه، على مستوى الظهر وقتل حينها يوم 7 أفريل 1965،  لقد غدر به من الخلف، وفي يوم 9 أفريل حوكم آيت أحمد، وتم النطق بالإعدام، ولم يتمكن أحد من تحمل مسؤولية التنفيذ.
في يوم الغد، أرسلت الحكومة النائب بالمجلس الوطني الشعبي، المحامي مبروك بلحسين رئيس لجنة الشؤون القانونية، وأعطي له العنوان وقصدني.

 لماذا أنت بالذات؟
لقد قصد المبعوث عائلة حسين آيت أحمد وهي التي وجهته إليّ بأنني الوحيد الذي يربط الاتصال مع جيش الأفافاس، وأراد مبعوث الحكومة التفاوض مع العقيد الصادق دحيلس - كان غائبا ومتواجدا في المغرب لمدة أسبوعين واستخلفه الملازم عبد الحفيظ ياحة- فجاءني بلحسين، وسألني: "أنت جيلالي الغيمة؟"، قلت: نعم، فطلب مني التوسّط للتفاوض، فأجبت: "كيف يكون هناك تفاوض والمسؤول الأول حكم عليه بالإعدام؟" فأجابني: "لا، لن يُنفذ الإعدام وهذه عقوبة سياسية، وسترفع هذه الأمسية"، وحقيقة في الغد، خُفضت العقوبة وبقي مسجونا، وأعلن رئيس الجمهورية بأن الإعدام لن يُنفذ.
وبقي مبعوث الحكومة ينتظر، وفي ذلك اليوم، أرسل لي الصادق شخصا من المغرب معه رسالة يوم 10 أفريل لكي أوصلها إلى الملازم عبد الحفيظ، وفي يوم 11 أفريل صعدت إلى جبل جرجرة، وأخبرت عبد الحفيظ بمرسول الحكومة وسلمته رسالة الصادق التي جاءت من المغرب، وكانت رسالة أخرى جاءت باسمي.

 ما جاء في مضمون الرسالة؟
كان مضمون رسالة عبد الحفيظ، بعدما أطلعني عليها، عن كيفية تجميع السلاح لمواجهة هجوم الحكومة، وحينما التقيتُ الصادق في المغرب، لاحقا، أكد لي أنه كان يبحث عن السلاح، أما رسالتي فكانت تتضمن سؤالاً عن حالة الجزائر وأن أوصل الرسالة الثانية إلى عبد الحفيظ.

 وما هو القرار التي اتخذه عبد الحفيظ؟
قال عبد الحفيظ: "يجب أن تذهب لملاقاة الصادق"، فقلت: إنني موظف واحتاج إلى موافقة وزير المالية لأنني كنت مراقباً في قطاع الضرائب، وبدأت أفكر في كيفية الذهاب. سألت مرسول الصادق عن طريقة دخوله؟ فقال:" دخلت عبر الحدود راجلا على الأقدام وسأعود بنفس الطريقة"، فقلت له: سأذهب معك.
وفي تلك الليلة، سافرت على متن قطار إلى وهران، ولم اطلع أحدا من عائلتي، وأخبرت واحدا فقط من العاصمة وهو نائبي في العمل بأنني متجه إلى المغرب، واستقلينا حافلة إلى تلمسان ثم إلى مغنية، وعند الحدود وجدنا شخصاً يوصلنا بالسيارة، وعلى بعد 500 متر، سرنا بين المركزين على الأقدام.

 كيف تم ذلك؟
مثل العسكر، واحد يحمل سلك الباربولي والآخر يقطع السلك، ومشينا أكثر من 2 كلم على الأقدام، ولم يُكتشف أمرنا، ومرافقي كان يدرك المسالك خاصة وأن السير كان ليلا، وحصل اتفاق مع سائق الطاكسي الذي أخذنا إلى غاية وجدة، بتنا ليلة واحدة وفي الغد ركبنا سيارة حتى الرباط حيث كان الصادق موجوداً، حينما وصلت أخبرت الصادق بالتفاصيل، وقضية التفاوض مع الحكومة، فقال: "يجب أن أجمع كل من كانوا في الخارج بالمغرب وفرنسا لتعيين من سيتفاوض مع الحكومة".

 معناه بقيت مدة معيّنة بالمغرب؟
بقينا 8 أيام، وانتهت العطلة المرضية للعودة إلى مقر عملي، ولم يصل أي أحد من مجموعة المتواجدين في أوروبا، وكنت مضطرا للبقاء، وتحدثت مع صديق لتكليف من يُرسل لي عطلة مرضية ثانية، وقال لي "يجب أن تعود لأن أخته ذهبت إلى بيتي فوجدت الشرطة هناك"، وأُبرح نائبي في العمل ضرباً، فقال لهم بأنني متواجد في المغرب، وفهموا أنني من طلبه جيش الأفافاس بشراء السلاح، فقالوا له: "متى يرجع؟" فقال: "بعد 8 أيام فذهبوا إلى منزلي وتمركزوا به"، فقال لي صديقي: "لا تمرّ على المنزل عندك ضياف"، قلت له: لا، أنا عند ابن عمي حسن، ففهم أنني في المغرب، وساعتها وُلدت لي طفلة ومن يزور المنزل يأخذونه للحبس بينهم صهري وعمره 70 سنة ومجاهد، وأخ زوجتي وثلاثة أصدقاء، ولم يطلق سراحهم حتى انتهت القضية.

 كيف تعاملت مع هذا الموقف؟
بحكم التجربة في الثورة عرفت أن الشرطة لن تغادر البيت، وزوجتي لم تعرف وجهتي، لأنني قلت لها بأنني سأغيب أسبوعاً، سألوها وقالت: لا أعلم، فكرتُ في خطة، فأرسلت رسالة سريعة من باريس بالاستعانة بمسافر من المغرب إلى فرنسا، قلت فيها لزوجتي: لا تخافي أنا في باريس عند المناضلين، وقلت لها أن الشرطة سهلت خروجي عبر ممر رسمي، في مطار الدار البيضاء بالعاصمة (مطار هواري بومدين حاليا)، . فلما أخذ ساعي البريد الرسالة فتحت الشرطة له الباب واستلمت الرسالة، قرأها أفراد الشرطة، فأخذوها لمديرهم- حينها كان حمداش- وهو من خصّص موقعاً للتعذيب في ديار النخلة بمكان السيدة الإفريقية.

 هل صدّقت الشرطة القصة؟
لقد نجحت الخطة وغادرت الشرطة بيتي، لأن الرسالة جاءت من فرنسا، وأعادت التحقيق مع نائبي، فقال: "هو قال لي إنه ذهب إلى المغرب"، وسألوه عن أسماء أفراد الشرطة بالمطار، فقال: "لا أعرفهم". وبعد أيام جاء من كانوا بفرنسا واجتمعنا في الرباط، وعيّنا ثلاثة أشخاص ليشاركوا في المفاوضات، وعيّنت الحكومة ثلاثة أشخاص، ومن طرفنا كان الملازم عبد الحفيظ وكذا العقيد الصادق وبن يونس من فرنسا، والاثنان جاءا عن طريق فرنسا.

 ومن عيِّن ممثلا للحكومة؟
عينت محمد لبجاوي، آيت الحسين ممثل المكتب السياسي مع بن بلة، والزبير بوعجاج من مجموعة الـ22.

 هل توصل الطرفان إلى اتفاق يرضي الأفافاس؟
في 16 جوان توصلوا إلى صياغة البيان الختامي، وفي الغد 17 جوان 1965، صدر في جريدة "الشعب" باللغتين العربية، والفرنسية "لوبابل" مضمون المفاوضات، وجاء فيها وقف القتال وإطلاق المسجونين كلهم، وعودة العمال المطرودين إلى مكان عملهم، أما المجاهدون الذين قاتلوا في صفوف الأفافاس فمن يريد الالتحاق بالجيش فله ذلك، أو يطلب تقاعده، على أن يتم اللقاء مجددا للاعتراف بحزب الأفافاس مع إطلاق سراح آيت أحمد، بعد اجتماع الدول الإفريقية والأسيوية، بنادي الصنوبر البحري من 26 إلى 29 جوان 1965، والذي كان يجري التحضير له، وهو ثاني مؤتمر سمي عليه سيجارة " أفراز 2".
لكن وقع الانقلاب على بن بلة، في 19 جوان 1965، وألغي الاجتماع وأدخل بن بلة مع جماعته السجن، ومن خرج من السجن خرج، ومن كان في الجيش رجع للجيش، وعيِّن شريف بلقاسم أمينا عاما للحزب خلفا لبن بلة، والذي كان في الحدود مع المغرب رفقة بومدين، خلال الثورة، ورُفض تأسيس الأفافاس وآيت أحمد بقي في السجن، لمدة عام وفي كل مرة يقال في العيد الفلاني بُطلق سراحه.. وتسرّبت أخبار بمحاولة تحويله إلى الصحراء.

 يشاع أن بومدين هرّبه.. ما حقيقة ذلك؟
هذه إشاعة، فلماذا لم يُخرج بومدين الرئيس بن بلة من السجن وبقي هذا الأخير إلى غاية وفاة الرئيس بومدين؟ هذا غير صحيح..

 كيف هرب؟
كل واحد يفكر كيف ينقذ نفسه، فكيف هرب الطاهر زبيري وبن بوبلعيد وغيرهما من سجن الكدية؟

 هل لديك تفاصيل؟
هرَّبه أحبابُه في "لوس"، وتم الاتفاق مع الحارس _ حسب الرواية- والمعطيات لدى آيت أحمد، يقولون إن من هرّبه كان يرتدي لباس امرأة مع إحدى قريبات آيت أحمد- حتى لا يتم تفتيش بطاقات الهوية- ولما دخل الاثنان سلم الشخص اللباس النسوي إلى آيت أحمد، ونقلتهما سيارة نحو المغرب وهرب الحارس.
وحدث ذلك ليلة 30 أفريل 1966، ومن حينها وآيت أحمد  في الخارج إلى غاية 1989، وشارك في الانتخابات التشريعية باسم "الأفافاس" الذي اعترف به أخيراً بعد إقرار التعددية.

 ما حقيقة خلاف بن بلة وبومدين وهل كان بسبب الأفافاس؟
يستحيل تحضير انقلاب في يومين دون دم، باستثناء صدامات بسيطة في عنابة، وبين الرجلين يعود إلى تاريخ 16 أفريل 1964، خلال مؤتمر الأفلان، لأن النقاش لم يحصل في ديسمبر 1962 حول الحزب حيث انفرد بن بلة برأيه وناقش الدستور مع ممثلي الحزب في السينما، وفضل بن بلة تنظيم البوليس السياسي مثل الاتحاد السوفياتي ليُحكم القبضة على الشعب وبومدين كان ينظم مخابرات الجيش.
وقد اتهمت 4 فدراليات حزب جبهة التحرير بينهم العاصمة والشلف (الأصنام)، في نقاش مؤتمر 16 أفريل 1964، بومدين بجلب ضباط فرنسا لتأطير الجيش، وطالبوا باستظهار الحقيقة، وبومدين وقف حينها، وقال: "حقيقة الأمر وقع"، وقال: "أنا بحاجة إلى تنظيم الجيش من هذه الساعة بعد هجوم المغرب".
والرئيس بومدين اتفق مع الحكومة الفرنسية لجلب 300 ضابط جزائري من الجيش الفرنسي، وهم من فتحوا مدرسة شرشال (الأكاديمية)، واعتبر بومدين أن هؤلاء لا يمكن لهم بيع أسرار الجيش وأن للجزائر الحق في محاكمتهم أو معاقبتهم.
وقال لهم بومدين: "من هو الصافي حتى يصفي؟ أو "من هو الطاهر الذي يحق له أن يطهر الآخرين؟" وبالدارجة: شكون اللي يغربل وشكون اللي يتغربل؟"، وتواصل ذات الشقاق مع مدار العام إلى 1965.
ولا تزال المطالبة بالحقوق من ضحايا الأفافاس، لأنها كانت بمثابة استمرار للكفاح فهم جاهدوا ضد المستعمر لنيل الاستقلال، أما الصادق فقد طلب تقاعده وعبد الحفيظ عاد لفرنسا رفقة عائلته، إلى غاية 1989، لم يتحمل الحڤرة.

 هل تحدث بومدين عن القضية لاحقا؟
أبدا، حزب الأفلان أصبح آلة في يد السلطة.. ثم قايد أحمد أمين عام الأفلان غادر إلى المغرب في 1970، وكان ضد السياسة والثورة الزراعية، ومات في المغرب، وجلب جثمانه ودفن في الجزائر.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

المـلـــــف : مصالي الحاج ( المولد ، النشأة و الكفاح )

ملف الخونة : الباشاغا بوعلام.. من بطل فرنسي خلال الثورة إلى منبوذ بعد الاستقلال

تكريم الأستاذ دفوس عبد العزيز: لمسة وفاء لأهل العطاء.